
فاطمة الزهراء ايت ناصر
في عمق الجنوب الشرقي للمغرب، وتحديدًا في تنغير، تنبض طاقات شابة لا تقل كفاءة عن أقرانها في المدن الكبرى. غير أن الطريق إلى المستقبل، بالنسبة لهؤلاء التلاميذ المتفوقين، ليست مفروشة بالفرص بقدر ما هي مبللة بالتعب، ومكسوة بالإنهاك، ومطوقة بامتحانات من نوع آخر.. امتحانات في الصبر والتحمل، قبل اختبار الكفاءة العلمية.
فاطمة، شابة من تنغير، حاصلة على الإجازة في القانون العام من جامعة محمد الخامس بالرباط، لم تنس بعد تفاصيل معاناة زملائها بعد حصولهم على البكالوريا. تقول: “ما إن تفرح الأسر بنجاح أبنائها حتى تبدأ المعاناة مع موسم التنقلات الشاقة لاجتياز مباريات المدارس العليا.
تبدأ الرحلة من ورزازات إلى مراكش، ثم إلى الرباط، وأكادير، وقد يصل الأمر إلى خمس مدن خلال أسبوع واحد. في عز الصيف، ومع ميزانيات محدودة، تصبح هذه المباريات كابوساً حقيقياً، حتى للتلاميذ الأكثر طموحاً.”
المشكل لا يتعلق فقط ببعد المسافة أو صعوبة التنقل، بل بمنظومة برمجة المباريات نفسها، التي تُنظّم دون مراعاة للعدالة المجالية، تقول فاطمة.
واضافة:”تلاميذ درعة تافيلالت، وزاكورة، وتنغير، والراشيدية، لا يطلبون امتيازات، بل فقط حقهم في تكافؤ الفرص، وولوج كريم للمعاهد والمدارس العليا”.
وأكدت فاطمة أن معاناة تلاميذ تنغير كل سنة ليست مجرد مشكل فردي، بل مأساة جماعية تتكرر بصمت. بعض الأسر تُضطر إلى الاقتراض كي يتمكن أبناؤها من اللحاق بالمباريات. والبعض الآخر يستسلم وينسحب في صمت.





