من موقع الانتماء قبل المسؤولية.. ولد الرشيد يربط القرار الأممي بروح المسيرة الخضراء

حسين العياشي

في خطاب مؤثرٍ انطلق من القلب قبل المنبر، قدّم محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، شهادة وطنية بقدر ما كانت سياسية كانت إنسانية أيضاً، حين تحدث كابنٍ من أبناء الصحراء المغربية عاش وجدانها، وحمل في صوته صدى رمالها وإيمان أهلها بعدالة الوطن ووحدته. وصف ولد الرشيد القرار الأخير لمجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية بأنه لحظة الإنصاف التاريخي، مؤكداً أن هذا الاعتراف الأممي لا يخصّ الدولة فحسب، بل هو إنصافٌ لأجيالٍ من الصحراويين الذين ظلوا أوفياء لقسم المسيرة الخضراء، مؤمنين بأن الصحراء كانت وستبقى مغربية الهوى والانتماء.

قال ولد الرشيد بصوتٍ امتزج فيه الوجدان باليقين إن هذه اللحظة التي يعيشها المغرب ليست مجرد انتصار دبلوماسي، بل هي لحظة حياة كاملة تختزل مسيرة وطنٍ آمن بعدالة قضيته، وصبر على دربها حتى نال الاعتراف الدولي المستحق.

واسترسل، وقد غلبت نبرة الانتماء على لغة الخطاب، بأن إحساسه في هذه الجلسة يتجاوز صفته الرسمية ليعبّر عن مشاعر ابنٍ من أبناء الصحراء المغربية، يرى بأمّ عينه ثمرة التحول العميق الذي عرفته هذه الربوع بفضل الرؤية المتبصّرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. مضيفًا، أن ما تحقق في الأقاليم الجنوبية لم يكن تنمية في البنية والتشييد فقط، بل نهضة في الإنسان قبل المكان؛ أرضٌ كانت بالأمس تواجه التحديات، أضحت اليوم فضاءً يفيض بالحياة، تُزهر فيه المشاريع وتتعانق فيه الفرص، ويعيش فيه المواطن الصحراوي في أمنٍ وكرامةٍ تحت راية الوطن الواحد.

ولد الرشيد، وهو يستعرض القرار الأممي رقم 2797، شدّد على أنه لم يكن صدفةً سياسية ولا مجاملة دبلوماسية، بل ثمرةُ خمسين عاماً من النضال المتواصل الذي خاضه المغرب بثباتٍ وإصرارٍ، من المسيرة الخضراء إلى هذه اللحظة الأممية الحاسمة. معتبرًا أن هذا القرار كرّس القناعة الدولية بأن الحلّ الوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء لا يمكن أن يكون إلا في إطار السيادة الوطنية الكاملة، عبر مبادرة الحكم الذاتي التي صارت اليوم مرجعاً أممياً معتمداً، وركيزةً للسلام والاستقرار في المنطقة.

ومن موقع الفخر والانتماء، عبّر رئيس مجلس المستشارين عن اعتزازه بما تحقق في الأقاليم الجنوبية، مشيراً إلى أن أبناء الصحراء يعيشون اليوم تحوّلاً ملموساً في حياتهم اليومية، بفضل المشاريع التنموية الكبرى التي جعلت من مناطقهم مركز إشعاع اقتصادي نحو إفريقيا، ومجالاً واعداً للتعاون جنوب–جنوب. وأضاف أن لحظة الاعتراف الأممي هي ثمرة جهدٍ وطنيٍ مشتركٍ بين القيادة والشعب، وتجسيدٌ لإرادةٍ جماعيةٍ صلبةٍ لم تعرف التردد ولا المساومة في الدفاع عن السيادة والوحدة الترابية.

ورأى ولد الرشيد أن ما يميز هذه المرحلة هو الانتقال من منطق التدبير إلى منطق التغيير، ومن الدفاع إلى التثبيت، مشدداً على أن الصحراء المغربية لم تعد مجرد ملفٍ سياسي، بل أصبحت نموذجاً في التنمية والاستقرار، ورمزاً لقدرة الدولة المغربية على الجمع بين الحزم والإنصاف. وأكد أن القرار الأممي ليس نهاية الطريق، بل بداية عهدٍ جديدٍ من التعاون الإقليمي، يفتح الباب أمام إعادة بناء الثقة وتفعيل حلم الاتحاد المغاربي على أسسٍ من الواقعية والوحدة والمصير المشترك.

واختتم ولد الرشيد كلمته بنبرةٍ حملت ما يشبه القسم، قائلاً إن ما تحقق اليوم هو انتصارٌ للوطن كلّه، ولأبناء الصحراء الذين ظلوا أوفياء لبيعتهم ولعرشهم، مضيفاً أن قضية الصحراء ستبقى عنواناً للوحدة الوطنية، ودليلاً على حكمة القيادة المغربية التي جعلت من الإنصاف الدولي تتويجاً لمسار الإخلاص الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى