مواطنون تحت المجهر الرقمي: تقرير ميتا يفتح ملف حماية الخصوصية

حسين العياشي

كشف تقرير “Transparency Meta 2024” أن المغرب تصدّر بشكل لافت قائمة الدول الإفريقية، من حيث عدد الطلبات الموجهة إلى الشركة المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، للحصول على بيانات المستخدمين. فقد تجاوز عدد الطلبات المغربية 1.180 خلال سنة واحدة، أي ما يعادل ثلاثة أرباع مجموع الطلبات القادمة من القارة بأكملها.

هذا الرقم، الذي يضع المغرب بعيدًا عن جيرانه مثل تونس (121 طلبًا) أو الجزائر (54 طلبًا)، أثار نقاشًا واسعًا حول حدود المراقبة الرقمية بالمملكة. فبينما تقدم السلطات هذه الإجراءات في إطار حماية الأمن العام والتحقيقات القضائية، يرى باحثون متخصصون في الإعلام الرقمي وحماية المعطيات أن هذا الحجم الكبير من الطلبات يعكس نهجًا صارمًا في مراقبة الحسابات الشخصية، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام مبدأ الشفافية وضمان الحق في حماية المعطيات الخاصة.

ويشير هؤلاء الباحثون إلى أن تقارير ميتا تؤكد أن الشركة استجابت كليًا أو جزئيًا لـ78% من الطلبات الرسمية عبر العالم، ما يعني أن حيزًا واسعًا من بيانات المغاربة قد يكون قد تم تسليمه بالفعل للسلطات. غير أن التقرير لم يقدم أي تفاصيل حول طبيعة هذه الطلبات ولا حول الإطار القانوني الذي يضمن التوازن بين مقتضيات الأمن وحماية الحياة الخاصة.

هنا يبرز التخوف الأكبر، وفق الباحثين، من أن تتحول هذه الآلية إلى أداة مراقبة تتجاوز وظيفتها الأصلية، في غياب نقاش عمومي واضح حول الرقابة الرقمية وضمانات الشفافية. فالمغرب الذي يتقدم رقميا بخطوات سريعة، يظل مطالبًا – أكثر من أي وقت مضى – بطمأنة مواطنيه بأن بياناتهم الشخصية لن تكون عرضة للاستغلال أو الاستخدام المفرط خارج ضوابط العدالة والحق في الخصوصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى