موظفو الجبايات يواجهون الغموض.. ووزيرة المالية مطالبة بالتدخل العاجل

حسين العياشي

انتهت المهلة التي وعدت خلالها وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بإصدار مذكرة توضيحية بشأن تطبيق قانون الجبايات المحلية، دون أن يرى الموظفون أي أثر لهذا التعهد. ومع مرور الآجال دون صدور التوضيحات المنتظرة، ارتفع منسوب القلق داخل القطاع، ودقت النقابة الوطنية للمالية ناقوس الخطر محذّرة من استمرار الغموض الذي يلف القانون رقم 25.14 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، وما يترتّب عنه من اضطراب مهني وإداري غير مسبوق.

هذا التوجس عبّرت عنه النقابة في رسالة رسمية مؤرخة في التاسع من دجنبر، أوضحت فيها أن المذكرة التي أصدرتها وزارة الداخلية في الحادي عشر من نونبر 2025، والموجّهة إلى الولاة والعمال، خلفت ارتباكًا فعليًا وسط الموظفين المكلفين بالتحصيل، بعدما أحدثت ما وصفته بـ”مناطق غامضة” أربكت فهم المهام وحدود الاختصاص والتنظيم الداخلي. وبحسب النقابة، فإن هذا الارتباك ولّد حالة “عدم يقين مهني” تهدد استقرار الموظفين وتعمّق مخاوف تطبيق إصلاح لا تزال ملامحه غير واضحة.

وتأتي هذه التطورات بعد اجتماع انعقد أواخر نونبر بين النقابة ووزيرة الاقتصاد والمالية، خصص لتوضيح الإصلاحات المرافقة للقانون. خلال هذا الاجتماع، التزمت الوزيرة بنشر مذكرة شاملة خلال خمسة عشر يومًا، تتضمن الجوانب التقنية واللوجستية والبشرية المصاحبة للإصلاح، ونتائج مهمة التقصي المشتركة بين المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية، فضلًا عن خريطة المرحلة الانتقالية الكاملة. لكن النقابة تؤكد أن أيًا من هذه الالتزامات لم يتحقق، وأن الانتظار طالت مدته دون مبرر، ما زاد الوضع تعقيدًا وأجّج القلق بين العاملين.

وتشير النقابة إلى أن معلومات واردة إليها تفيد بانتهاء عدد من التعيينات المؤقتة داخل مصالح التحصيل، وهو ما ضاعف الإحساس بعدم الاستقرار المهني، في وقت يظل فيه التواصل الرسمي من الوزارة والخزينة العامة غائبًا بشكل يثير التساؤلات. هذا الصمت الإداري – بحسب تعبير النقابة – لا يترك للعاملين سوى مساحة أكبر للقلق والتأويل، ويشكل تهديدًا مباشرًا للسير العادي للمرفق العام.

وفي هذا السياق، شددت النقابة على ضرورة حماية الحقوق المكتسبة للموظفين العاملين في الجبايات المحلية منذ ولوجهم الوظيفة العمومية، مؤكدة أن أي غموض في تفعيل القانون الجديد من شأنه أن ينعكس سلبًا على وضعيتهم القانونية والوظيفية، ويؤثر على جودة الخدمة العمومية المرتبطة بتحصيل موارد الجماعات الترابية.

وبين انتظار يتطاول، ومخاوف تتزايد، وغيابٍ مستمر للتوضيحات الرسمية، تجد وزارة الاقتصاد والمالية نفسها أمام مطلب نقابي ملحّ بعقد اجتماع عاجل لإعادة ترتيب ملامح المرحلة المقبلة، وطرح أجوبة واضحة حول الإشكالات العاجلة والمستقبلية المرتبطة بتنفيذ الإصلاح. فالحسم في هذه التفاصيل لم يعد مجرد إجراء إداري، بل ضرورة لإعادة الثقة داخل قطاع يشكل أحد الأعمدة الأساسية للإدارة المالية المحلية، ويحتاج قبل كل شيء إلى رؤية واضحة تضمن الاستقرار وتحفظ حقوق العاملين فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى