ندرة المياه وحرائق الغابات وضرائب الكربون.. هل ينجح المغرب في معركة التكيف المناخي؟ (تقرير)

حسين العياشي

لم تعد موجات الحر المتزايدة، وندرة الموارد المائية، وارتفاع مستوى مياه السواحل مجرد تهديدات بيئية، بل تحولت إلى اختبارات حقيقية لاستقرار المغرب الاقتصادي والاجتماعي والجيوسياسي. هذا ما يؤكده تقرير BKGR RSE Insights – risques climatiques، لشهر شتنبر الجاري، الذي يذكر أن إدارة المخاطر المناخية لم تعد خياراً بل ضرورة استراتيجية ملحة.

التقرير يصنف التحديات في ثلاث فئات: الأولى تتعلق بالمخاطر المادية، كالجفاف، الفيضانات، بما لها من أثر مباشر على الزراعة والسكن والبنيات التحتية. أما الثانبة فترتبط بمخاطر الانتقال المرتبطة بإجراءات إزالة الكربون، مثل الضرائب الجديدة، أو الاستثمارات المكلفة في التكنولوجيات النظيفة كالهيدروجين الأخضر. في حين تتجلى الفئة الأخيرة، في المخاطر النظامية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، وتشمل الهشاشة المالية، الهجرة المناخية وانتشار الأمراض.

ورغم أن البصمة الكربونية للمغرب محدودة عالمياً، إلا أن انعكاسات الاحترار العالمي تتجلى بقوة على أراضيه. فقد ارتفعت الحرارة بـ 1,4 درجة مئوية منذ 1960، وهو معدل يفوق المتوسط العالمي. كما أن ندرة المياه تهدد بالتفاقم مع تراجع متوقع بنسبة 20٪ في الموارد العذبة بحلول 2050.

لمواجهة ذلك، اعتمد المغرب منذ 2017 الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي تترجم إلى 132 هدفاً إلى غاية 2030، إضافة إلى “استراتيجية الحياد الكربوني 2050”. كما وضعت السلطات إطاراً مالياً عبر التصنيف الأخضر وتشجيع إصدار السندات الخضراء، في خطوة لملاءمة السوق المحلية مع المعايير العالمية.

في قلب هذه الدينامية تبرز الاستراتيجية الطاقية: 52٪ من القدرة الكهربائية من الطاقات المتجددة بحلول 2030، 15 جيغاواط إضافية قيد التطوير، إلى جانب مشاريع كبرى مثل مجمع نور الشمسي بورزازات، و17 محطة لتحلية المياه مدعومة بالطاقة النظيفة. كما تشكل مبادرة “Morocco Offer” لإنتاج الهيدروجين والأمونياك الأخضر رهاناً على تموقع المملكة كفاعل رئيسي في التحول الطاقي العالمي.

التقرير يخلص إلى أن المعركة لم تعد تتعلق بمدى الحاجة إلى الانتقال الأخضر، بل بسرعة إنجازه وبأي نموذج اقتصادي سيتم اعتماده. المغرب، بين هشاشة التغير المناخي وفرص الطاقات المتجددة، يقف اليوم أمام خيار استراتيجي: إما تقليص كلفة الاحترار أو تحويل التحول البيئي إلى رافعة للتنافسية والابتكار وخلق فرص الشغل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى