نزار بركة بين مسؤولية الحكومة والهروب من الحاسبة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في مشهد يعكس مفارقة لافتة في المشهد السياسي المغربي، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، ليتحدث بلغة الناقد لا المسؤول، محذرا من واقع اجتماعي مقلق تتسع فيه الهوة بين القرى والمدن، وتتفاقم فيه الفوارق المجالية والاجتماعية، إلى حد وصفه بالقنبلة الاجتماعية.
بركة، خلال ندوة نظمها فرع رابطة المهندسين الاستقلاليين في الدار البيضاء، رسم صورة داكنة للوضع العام في البلاد، مستعرضا أرقاما صادمة عن البطالة، والفقر، والأمية، وضعف البنية الصحية، مشيرا إلى أن مؤشر جيني، الذي يقيس الفوارق في توزيع الدخل، ارتفع من 38.5 قبل الجائحة إلى 40.5 بعدها، ما يعني، بحسب قوله، أن الثروة تتركز أكثر في أيدي فئة محدودة، بينما تتسع دائرة الفقر والهشاشة.
كما توقف عند فئة الشباب الذين لا يدرسون ولا يعملون ولا يتلقون أي تكوين، والذين يقدر عددهم بمليون ونصف المليون شاب، أغلبهم من العالم القروي، أرقام جعلت الوزير يتحدث بنبرة تحذير من انفجار اجتماعي محتمل، دون أن يشير إلى دور وزارته ووزارات أخرى في الحد من هذه الاختلالات.
المفارقة هنا أن بركة لا يتحدث كخبير اقتصادي أو معارض سياسي، بل كعضو في حكومة يتحمل فيها مسؤولية مباشرة عن ملفات مرتبطة بالتنمية الترابية وتقليص الفوارق، من خلال إشرافه على قطاعي الماء والتجهيز، وهما ركيزتان أساسيتان لأي عدالة مجالية واجتماعية.
وما يزيد من حدة هذه المفارقة، أن الوزير الاستقلالي سبق له أن تهرب من صفته الحكومية خلال استضافته في أحد البرامج التلفزيونية، حين قال: “أنا وزير التجهيز والماء”، في محاولة واضحة للنأي بنفسه عن صورة الوزير الرسمي والانحياز إلى خطاب رجل الشارع.
ويرى مراقبون أن تصريحاته الأخيرة تحمل أكثر من دلالة سياسية، وقد تقرأ كمحاولة لتهيئة الخروج من الحكومة بخطاب نقدي محسوب، أو كرسالة انتخابية مبكرة لاستعادة ثقة الشارع بعد تراجع شعبية الحكومة.




