نعوم ل”إعلام تيفي”: “القرار الأممي انتصار قانوني للمغرب وفرصة لإنهاء نزاع جمد المنطقة لعقود”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
وصف الكاتب والباحث السياسي عبد الفتاح نعوم تصويت مجلس الأمن على القرار الأمريكي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي بانتصار قانوني ومدو للمغرب، مشيرا إلى أن الجزائر حاولت على مدى عقود إقناع المجلس بعدم اعتماد هذه الخطة.
ورأى نعوم ل”إعلام تيفي” أن ما تحقق اليوم يؤكد أن المضمون القانوني لمقترح الحكم الذاتي كان حاضرا في قرارات الأمم المتحدة السابقة منذ 2007، لكن الاختلاف هذه المرة هو حسم الموقف الدولي وتحديد مسار واضح بدلاً من إبقاء الخيارات مفتوحة.
وأضاف نعوم أن الجزائر اعتمدت دوما استراتيجية تهدف إلى توسيع نطاق النقاش وإدخال خيارات بديلة تُبعد المجلس عن التعاطي مع المقترح المغربي باعتباره حلاً واقعياً وقابلاً للتطبيق، لكن تصويت 11 دولة لصالح القرار وامتناع فاعلين آخرين أظهرا أن الطاولة انقلبت لصالح المقاربة المغربية، ما يعد في بعده القانوني والسياسي نصرا للمغرب.
ومع ذلك، شدد نعوم على أن الرباط لا تنظر إلى المسألة بمنطق فوز طرف على آخر، بل تعتبر القرار فرصة ينبغي استغلالها لإخراج المنطقة من حالة الجمود والتعطيل التي عرقلتها مصالح مضادة على مدى عقود.
فيما يتعلق برد فعل الجزائر على دعوة الملك محمد السادس للحوار، استبعد نعوم أن تلتزم الجزائر بموقف الصمت التام، لأن المغرب مصر على فتح قنوات تواصل وتفاهم.
وأوضح أن أمام الجزائر مسارات متوقعة؛ إما التجاوب والجلوس إلى طاولة الحوار، أو الاستمرار في سياسة التجاهل، لكن وجود مبادرة أمريكية واهتمام شخصيات دبلوماسية من شأنه، بحسبه، أن يعزز من فرص الانخراط في مسار تفاوضي جاد.
وتطرق نعوم إلى البعد العملي للخطوة المقبلة، مشيرا إلى إعلان الملك عن تحديث مبادرة 2007 وتقديمها مجددا إلى الأمين العام وللمبعوث الشخصي.
هذا التحين، يضيف الباحث، يمنح الأمم المتحدة سنة كفترة اختبار — حسب بنود القرار — لمتابعة مدى تفاعل الأطراف، وفي حال تجاوبت الجزائر والبوليزاريو مع المقترح الملكي فقد يحل النزاع خلال أشهر قليلة، أما في حال امتناعهم، فسيضعون أنفسهم خارج مسار الحل ويغلقون باب المشاركة في صنع مستقبلهما.
وأكد نعوم أن دور الأمم المتحدة في الأيام المقبلة سيكون جوهريا ومركزيا؛ التواصل مع الأطراف، استقبال ملاحظاتهم على إطار حل الحكم الذاتي، ومتابعة تقارير التقدم.
كما لفت المتحدث إلى أن السقف الزمني الممنوح والأدوات الأممية المتاحة تشكلان فرصة لاختبار نوايا الأطراف، وتحديد من يريد أن يكون شريكا في الحل ومن يختار الانسحاب من التاريخ.
فيا يخص انعكاسات القرار على المستوى الإقليمي والدولي، رأى نعوم أن الأمر لا يتيح للدول الأعضاء في الأمم المتحدة تجاهل قرار أقر داخل أركان الشرعية الدولية بلا تبعات؛ فالالتزام بقرارات مجلس الأمن يمثل معيارا لا يمكن تجاوزه إلا بقرار سيادي يتحمل صاحبه تبعاته.
أما على مستوى الاتحاد الأفريقي فدعا نعوم المؤسسة إلى ضبط مواقفها ومواءمة أطرها مع معطى القرار الجديد، لأن المرحلة التي افتتحتها هذه الخطوة تلزم الفاعلين الإقليميين بإعادة ترتيب مواقفهم وممارسة دورهم وفق ما يفرضه الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح الباحث عبد الفتاح نعوم أن القرار يشكل نهاية لمرحلة مفتعلة وبداية لمرحلة جديدة تتطلب من الجميع التكيف، وقال: “من ارتضى أن يكون جزءا من الحل سيساهم في بنائه، ومن استثنى نفسه فسوف يظل خارج التاريخ”.
وأضاف أن على من لا يصلح للتأقلم مع التطور أن يدرك أن الزمن لن يتحمل مناخات الجمود والتعطيل، وأن المغرب يعرض اليوم فرصة حقيقية لإنهاء نزاع طال أمده وإطلاق مشروع تنموي يربط المنطقة بباقي البلاد.





