نقابة عمال المناجم تطالب بتحقيق عاجل بعد سلسلة إصابات خطيرة

حسين العياشي

في تطوّر مقلق يعيد تسليط الضوء على أوضاع السلامة المهنية داخل القطاع المنجمي، ارتفعت أصوات العمال في شركة “تويسيت” مطالِبة بفتح تحقيق عاجل بعد سلسلة من الحوادث الخطيرة التي خلّفت ثلاث إصابات بليغة خلال الأسابيع الأخيرة. هذه الحوادث، التي وقعت في مواقع مختلفة من إغرم أوسار والبئر الجديد، دفعت المكتبين المحليين لفئة العمال والتقنيين بالنقابة الوطنية للطاقة والمعادن CDT إلى دق ناقوس الخطر، معتبرين أن ما يجري “ليس قضاءً وقدرًا”، بل نتيجة مباشرة لتدهور شروط العمل وغياب معايير الحماية.

البيان النقابي، الذي اطلعت عليه “إعلام تيفي”، سرد وقائع صادمة تعكس حجم الاختلالات التي يعيشها العمال تحت الأرض. فالحادث الأول، بحسب البيان، وقع حين سقطت صخرة ضخمة على أحد العمال، مسببة له نزيفًا خطيرًا في الرأس وكسرًا في الكاحل. ورغم خطورة حالته، تم نقله إلى مستشفى فاس عبر سيارة إسعاف وصفها البيان بـ”المتهالكة”، في رحلة كادت تزيد جراحه بدل تضميدها.

أما الحادثة الثانية، فكانت أشد فظاعة في تفاصيلها؛ انفجار لمسلك الأتربة داخل البئر الجديد جراء تدفق المياه أدى إلى إصابة عامل آخر إصابة بالغة. لكن ما زاد الوضع سوءًا هو طريقة التعامل معه، إذ نُقل في سيارة “بيكوب” بدل سيارة إسعاف مجهزة، وتم استجوابه داخلها وهو ينزف، في ممارسة اعتبرتها النقابة “بعيدة عن أي منطق قانوني أو إنساني”، مع محاولات للتملص من التصريح بالحادث لدى شركة التأمين.

الحادث الثالث لم يكن أقل دلالة على فوضى السلامة داخل المواقع المنجمية. فقد أصيب عامل يعمل لصالح شركة كولدمين داخل موقع تابع لشركة وورك مين، ما أعاد إلى الواجهة سؤالًا محرجًا حول ظروف الاشتغال داخل هذه المرافق، حيث تتكرر الحوادث دون وجود إجراءات حقيقية للحد منها.

أمام هذا الواقع، دعت الأجهزة النقابية إلى تدخل فوري وشامل لإعادة الاعتبار لمنظومة السلامة داخل الشركة. وطالبت بصيانة عاجلة للمصاعد والمعدات والمركبات المستخدمة في نقل العمال والأتربة، وتوفير قطع غيار مطابقة لمعايير الجودة، إلى جانب تجهيز سيارة إسعاف دائمة بطاقم طبي متخصص، حتى لا يتحوّل أي حادث إلى مأساة مضاعفة. كما شددت النقابة على ضرورة إصلاح المسالك المؤدية إلى المراكز الخمسة للعمل، التي باتت محفّرة ومتهالكة وتشكل خطراً إضافياً على أولئك الذين يقضون يومهم بين أعماق الأرض.

واختُتم البيان بموقف حازم يعكس حجم التوتر داخل الأوساط العمالية، إذ أكدت النقابة الوطنية للطاقة والمعادن أنها ستواصل الدفاع عن حق العمال في بيئة عمل تحفظ سلامتهم وكرامتهم، معتبرة أن ما يجري داخل مناجم تويسيت لم يعد يحتمل مزيداً من التساهل أو الإهمال، وأن حماية الأرواح ينبغي أن تكون أولوية قبل أي ربح أو مردودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى