نور الدين لـ”إعلام تيفي”: الرؤية الملكية جعلت من الأقاليم الجنوبية رافعة استراتيجية للتكامل الإفريقي

سلمى الحدادي
تُجدد ذكرى عيد العرش المجيد إشعاع المشروع الملكي الطموح الذي أعاد رسم ملامح الجنوب المغربي، مُحوِّلاً الأقاليم الجنوبية من منطقة نزاع مفتعل إلى فضاء تنموي واعد، ومنصة إقليمية وإفريقية للتنمية الاقتصادية والتكامل الجهوي.
ومنذ اعتلائه العرش، اختار جلالة الملك محمد السادس نصره الله مقاربة متقدمة في تدبير ملف الصحراء المغربية، قوامها تثبيت السيادة الوطنية عبر العمل الميداني، وربط الوحدة الترابية بالعدالة المجالية والتنمية الاقتصادية الشاملة.
بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، أصبحت هذه الربوع ورشاً مفتوحاً للاستثمار المهيكل، ومختبراً حياً لنموذج تنموي جديد، يُرسّخ الصحراء المغربية كجسر استراتيجي بين شمال القارة وجنوبها، وكنقطة ارتكاز أساسية في تفعيل سياسة التعاون جنوب–جنوب.
إن السياسة الملكية الحكيمة جسّدت تحولاً عميقاً في التعاطي مع ملف الصحراء، من منطق التدبير الدفاعي إلى منطق المبادرة التنموية والريادة الإقليمية، ضمن رؤية شاملة توفق بين تثبيت السيادة الوطنية، وتعزيز الانخراط الإفريقي، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي في ربوع الصحراء المغربية.
وفي هذا الصدد، قال أحمد نور الدين، خبير في العلاقات الدولية في تصريح خاص لـ”إعلام تيفي”، إن جلالة الملك محمد السادس، وخلال 26 سنة من حكمه، “استطاع أن يُحدث نقلة نوعية في تدبير ملف الصحراء، بالانتقال من منطق التدبير الروتيني إلى منطق المبادرة الخلاقة، خاصة على المستوى الاقتصادي”، مؤكداً أن “الملك نجح في تحويل هذا النزاع، الذي سعت الجزائر إلى جعله عقبة، إلى رافعة للتنمية ومحرك للاقتصاد الوطني والإفريقي”.
وأبرز نور الدين أن هذا التحول ارتكز على ركيزتين أساسيتين: دبلوماسية سياسية نشيطة، ونموذج تنموي غير مسبوق في الأقاليم الجنوبية، انطلقت ثماره من الداخل لتمتد إلى العمق الإفريقي. ومن بين أبرز معالم هذا النموذج، الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي الضخم، إضافة إلى شبكة مطارات وموانئ دولية، ومشاريع في الطاقات المتجددة والفوسفات والصيد البحري.
كما أشار الخبير إلى أن “جلالة الملك أعاد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، من خلال مبادرات استراتيجية كأنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، ومشروع ربط الدول الحبيسة في الساحل والصحراء بالموانئ الأطلسية، وتحالف الدول الأطلسية الذي يحتضن المغرب كتابته الدائمة”.
وختم أحمد نور الدين تصريحه قائلاً: “ما نشهده اليوم هو تحوّل جذري في موقع الصحراء المغربية، من منطقة نزاع أراد لها الخصوم أن تكون نقطة توتر، إلى منطقة إشعاع اقتصادي واستراتيجي، تربط المغرب بإفريقيا والعالم، وتُجسد فعلياً مبدأ ‘تنمية بشرية بعد تثبيت السيادة’”.