هؤلاء الذين ينتجون القوانين.. المادة 9 تكشف الوجه الحقيقي للأغلبية والمعارضة

بشرى عطوشي

سبق وأسقطت الفرق النيابية داخل لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين بالإجماع، في سنة 2017، المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية 2017 التي اقترحها فريق العدالة والتنمية، والتي أثارت جدلا واسعا وسط فرق الأغلبية والمقاولين المغاربة والهيئات الحقوقية وأصدرت بيانات استنكارية بخصوصها.

وسبق وتقدّم فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، بتعديل يقضي بحذف المادة 8 المكررة حول تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة والجماعات الترابية، من مشروع قانون المالية 2017 ، وبرر الفريق التجمعي، هذا التعديل كونه يأتي انسجاما مع قناعات أعضاء الفريق.

أمس الجمعة، تسبب التصويت على المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 بمجلس المستشارين، والتي أنهت الحجز على أموال وممتلكات الدولة في النزاعات القضائية، في أزمة جديدة في وسط الأغلبية الحكومية، وذلك بعد خروج فريق التجمع الوطني للأحرار في الغرفة الثانية ببلاغ ينتقد عدم تصويت فريق العدالة والتنمية على المادة.

وحصلت المادة 9 من مشروع قانون المالية برسم العام 2020، على أصوات مستشاري كل من أحزاب الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة بالإضافة إلى فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

وصوت ضد المادة، ستة مستشارين ينتمون لفرق الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل وحزب التقدم والاشتراكية. فيما امتنع 26 مستشارا عن التصويت وينتمون لأحزاب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والاستقلال.

فالإسهاب في الحديث عن كل تمظهرات مناقشة مشروع قانون المالية في غرفتي البرلمان، لن يضيف جديدا لكل ما سبق وذكره الذاكرون عن مشاريع قوانين المالية السابقة، وأجواء مناقشتها المعتادة.

غياب انسجام الأغلبية، ليس وليد اليوم، ضعف المعارضة في البرلمان، كلها عوامل من شأنها أن تخرج تشريعات بنواقص وثغرات لا يدفع ثمنها إلا ذلك المواطن الذي صوت لصالح هذا الحزب أو ذاك..

المادة 9 التي دافع عنها الأحرار اليوم، وامتنع حزب المصباح عن التصويت عليها، هي نفسها المادة 8 مكرر من قانون مالية 2017 التي دافع عنها “المصباح وطالب بحذفها الأحرار..ما الذي جد؟ كيف تم تبادل الأدوار بين الأحزاب، هل هي حملات مسبقة للانتخابات، أم هو رد فعل كل حزب اتجاه الآخر، أم هي كلها صور لغض الطرف عن أهمية الموضوع، هذه الأهمية التي تكمن في أن المتأمل في المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة 2020، سوف يتضح له بالملموس أنها تحتقر أحكام القضاء التي حصنها الدستور وجعلها تسمو على الجميع، وبالمقابل تمتع قرارات الدولة بنوع من التحصين الذي يمس بحقوق الملكية والحقوق المالية للمواطنين. مما يجعل سلطة الدولة “السلطة التنفيذية” عمليا فوق السلطة القضائية، هذه السلطة –سلطة الدولة- التي يجب عليها أن تضمن وتحترم تنفيذ جل المقررات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به تطبيقا للمبادئ الدستورية.

ومن ناحية أخرى، نجد أن هذه المادة تتعارض بشكل مطلق مع ما جاء به الدستور، وخصوصا الفصل 126 منه الذي ينص على أن “الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع” فإذا كانت الأحكام القضائية ملزمة للجميع فهي لا تستثني الدولة أو الجماعات الترابية الصادر ضدها حكم قضائي نهائي، يقضي بإلزامها بأداء مبلغ معين، وعليه فإن ما تعرضت له المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 يمس باستقلالية السلطة القضائية المنصوص عليها في الفصل 107 من الدستور، باعتبارها السلطة التي يجب أن يمتثل لها الجميع.

صور مثل هذه لن تكون إلا تجسيدا لضعف النخب التي نضع بين يديها مستقبل الأجيال، والبلد.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى