هل تُشكل صفقة استحواذ شركة “سهام” على بنك “الشركة العامة” خطوة استراتيجية لتغيير المشهد المصرفي في المغرب؟
في خطوة استثنائية تعكس قوة القطاع المالي المغربي، قامت شركة “سهام” بالاستحواذ على بنك “الشركة العامة”، في صفقة تبلغ قيمتها حوالي 8 مليارات درهم، وذلك بعدما كانت تحت سيطرة المجموعة الفرنسية Société Générale France. تعتبر هذه الصفقة من أبرز الصفقات التجارية التي تمت في العام الحالي، وتعكس قوة وتطور السوق المالي في المملكة.
يأتي هذا الاستحواذ في سياق تحول ملحوظ في القطاع المصرفي المغربي، حيث سبق وأن قامت مجموعة “هولماركوم” بالتعاقد مع المجموعة الفرنسية Credit Agricole لاقتناء حصتها البالغة 78% في فرعها المغربي “مصرف المغرب”. كما تسعى مجموعة “التجاري وفا بنك” أيضًا للاستحواذ على فروع بنك “BMCI”، الذي تملكه مجموعة “BNP Paribas” الفرنسية.
تفسر هذه الصفقات التحولات الجذرية التي يشهدها القطاع المصرفي في السنوات الأخيرة، والتي يعتبرها مراقبون اتجاهًا نحو تحقيق “مغربة البنوك”، وسحب الاستثمارات الأجنبية من هذا القطاع الحيوي.
وفيما يتعلق بمفعول هذه الصفقات، يرى الخبراء أن خروج الاستثمارات الفرنسية يعكس “أسباب ثقافية تتعلق بطبيعة الاستهلاك البنكي للمغاربة”. ويشير الخبراء إلى أن استهلاك المغاربة للمنتجات المصرفية يتميز بخصوصية مختلفة عن تلك التي يميز الزبائن الأوروبيين، مما يتطلب توجهًا مختلفًا وتكييفًا للخدمات المصرفية.
ومع ذلك، فإن البنوك المغربية تسير في هذا الاتجاه، حيث تمكنت من ضبط نسبة الخطورة والمجازفة، مما جعلها تحقق أرقامًا معاملاتية مرتفعة خلال السنوات الأخيرة.
ويعتبر انسحاب الاستثمارات الفرنسية من القطاع المصرفي ليس فقط تحولًا في المغرب، بل جزءًا من قرار استراتيجي للبنوك الفرنسية للخروج من القارة الإفريقية بشكل عام. ويرى الخبراء أن هذا التوجه يأتي نتيجة لارتفاع مستويات المخاطر المالية، وتحذيرات البنك الأوروبي المركزي من الاستثمار في البنوك الإفريقية.
على الجانب الآخر، فإن البنوك المغربية تعكس صورة مختلفة، حيث تمكنت من الاحتفاظ بثقة المستثمرين وتحقيق أرباح جيدة على مدى السنوات العديدة. ويرى الخبراء أن هذا يجعل القطاع المصرفي المغربي وجهة استثمارية محببة للمستثمرين، سواء من داخل المملكة أو من خارجها.