هوارة من ريادة الحوامض الوطنية إلى أزمة تهدد مستقبل آلاف الأسر

فاطمة الزهراء ايت ناصر
قدم ربيع أيت العرب، ابن منطقة هوارة وهو فلاح تقني، شهادة مؤلمة حول التحول الكبير الذي تشهده مدينة أولاد التايمة بإقليم تارودانت – جهة سوس ماسة، وهي المنطقة التي طالما اعتبرت القلب النابض للزراعة المغربية، خصوصا في إنتاج الحوامض.
فهوارة، التي اشتهرت لعقود بخصوبة أراضيها ووفرة مياه السقي بها، تميزت بزراعة الأشجار المثمرة وعلى رأسها الحوامض بمختلف أنواعها، ولم يكن تصدرها للمرتبة الأولى وطنيا في الإنتاج والتصدير مجرد صدفة؛ بل كان نتيجة تداخل عوامل ساهمت في بناء هذا التفوق، منها جودة مياه الري، وغنى التربة بالمواد الأساسية، وتوفر يد عاملة متمرسة تراكمت خبرتها عبر سنين، إضافة إلى وجود معاهد فلاحية متخصصة خرجت كفاءات عديدة ساهمت في تطوير القطاع.
كما شكلت محطات تلفيف الحوامض المنتشرة في المنطقة رافعة اقتصادية حقيقية، خلقت مناصب شغل قارة وآلاف فرص العمل الموسمية، ما جعل القطاع الفلاحي العمود الفقري لاقتصاد هوارة.
لكن هذه الصورة بدأت تتغير بشكل دراماتيكي في السنوات الأخيرة، حسب ربيع، بعدما ضربت أزمة ندرة المياه المنطقة بشدة، فتراجعت المساحات المزروعة بالحوامض وأصبحت أجزاء واسعة من الأراضي خاوية بعد أن جفت الآبار وتراجعت حقينة السدود.
هذا الانهيار المفاجئ حسب المتحدث، انعكس مباشرة على الوضع الاجتماعي، حيث ارتفعت نسبة البطالة وسط السكان المحليين، خصوصا بين الشباب الذين كانوا يعتمدون على العمل في الضيعات ومحطات التلفيف، كما اضطرت العديد من الوحدات الصناعية المختصة في تلفيف الحوامض إلى تقليص نشاطها أو إغلاق أبوابها نهائيا.
يقول ربيع أيت العرب إن هوارة لم تعد هي المنطقة التي عرفناها، الأرض أصبحت عطشانة، والفلاحون منهكون، والآلاف اليوم مهددون بفقدان مصدر رزقهم.
أمام هذا الوضع، تسائل ربيع حول دور الوزارة الوصية لإنقاذ هذه المنطقة الفلاحية من الجفاف؟ وما هي مخططات إعادة إحياء زراعة الحوامض وإرجاعها إلى مكانها الطبيعي ضمن خريطة الإنتاج الوطني؟
وتضم جهة سوس ماسة 38 في المائة من الإنتاج الوطني من الحمضيات، و20 في المائة توجد في منطقة الغرب، و 17 في المائة في حوض ملوية، و 14 في المائة في سهل تادلة، و 6 في المائة في منطقة الحوز، حيث تغطي هذه المناطق أزيد من 93 في المائة من المساحة الوطنية.
وتضم جهة سوس ماسة 38 في المائة من الإنتاج الوطني من الحمضيات، و20 في المائة توجد في منطقة الغرب، و 17 في المائة في حوض ملوية، و 14 في المائة في سهل تادلة، و 6 في المائة في منطقة الحوز، حيث تغطي هذه المناطق أزيد من 93 في المائة من المساحة الوطنية.
ولكن رغم ذلك، تشهد المنطقة تحولا زراعيا بارزا، يتمثل في التراجع التدريجي عن زراعة الحوامض واستبدالها بزراعة الصبار، ويأتي هذا التغيير استجابة للتحديات المناخية المتزايدة، لا سيما الجفاف وندرة المياه بعد توقف تزويد الضيعات الفلاحية بمياه السدود.
وحسب أحد فلاحي المنطقة، قد شرع عدد من ملاك الضيعات، التي تمتد على عشرات الهكتارات، في اقتلاع أشجار الحوامض وتحويل استثماراتهم نحو الصبار، الذي يتميز بقدرته على التكيف مع نقص الموارد المائية والتربة المحلية الصالحة، ويعتبر هذا التوجه خيارا واقعيا لضمان استمرارية الإنتاج الفلاحي، مع الحفاظ على الجدوى الاقتصادية للمزارعين، خصوصا بعد تطوير أصناف مقاومة للحشرة القرمزية التي ألحقت خسائر كبيرة بالمحصول سابقا.





