
فاطمة الزهراء ايت ناصر
كشف الخبير الطاقي أمين بنونة، في تحليل مفصل لسوق المحروقات بالمغرب، أن الهوامش الإجمالية لربح الغازوال لم تتوقف عن الارتفاع منذ يونيو 2021 إلى غاية نونبر 2025، وهو ما يطرح—حسب رأيه—أسئلة عميقة حول مصداقية التزام كبريات شركات توزيع المحروقات بتحسين التنافسية عقب توقيعها على تعهد رسمي في 23 نونبر 2023، بعدما تمت مؤاخذتها من طرف مجلس المنافسة بسبب ممارسات منسقة تمس بحرية الأسعار.
وأوضح الخبير ل”إعلام تيفي” أن أسعار المنتجات البترولية المكررة، وعلى رأسها الغازوال منخفض الكبريت، تتحرك بشكل متزامن تماما مع أسعار النفط الخام، كما يظهر في الرسوم البيانية التي استند إليها في تحليله.

وأضاف أن المستهلكين، بفعل كثافة التغطية الإعلامية للأزمات الجيوسياسية، باتوا يدركون علاقة النزاعات الدولية بارتفاع أسعار النفط، غير أنه ما يزال غير مفهوم بالقدر الكافي، التأخر الزمني بين تغير الأسعار العالمية وبين انعكاسها على أثمنة المحطات بالمغرب.
وأشار إلى أن الإحساس العام لدى المواطنين متأثر بعامل نفسي، موضحا أن ألم الارتفاع يحس بقوة أكبر من متعة الانخفاض، ويعتقد دائما أن الشركات تسرع في تمرير الزيادات أكثر مما تتفاعل مع الانخفاضات.
وفسر بنونة أن طريقة تدبير المخزون المعروفة بـ FIFO تؤدي إلى تأخر طبيعي في انعكاس الأسعار الدولية على السوق المحلي، فحين ترتفع الأسعار عالميا، يكون المخزون الذي يباع في المحطات قد تم شراؤه قبل أسابيع بثمن أقل، والعكس صحيح، ومع احتساب مدة النقل البحري والعمليات اللوجستيكية، يصل متوسط التأخر إلى ستة أسابيع بين السعر الدولي والسعر المعروض للمستهلك.
واعتمادا على معطيات أسبوعية تمتد لأكثر من أربع سنوات، يبين بنونة أن احتساب السعر خارج الضرائب يظهر المنحى الحقيقي لتطور هوامش الربح، وتحويل ثمن طن الغازوال العالمي، قبل 42 يوما من تاريخ البيع، إلى درهم للتر اعتمادا على سعر الصرف والكثافة، ويعطي تكلفة الشراء الفعلية لشركات التوزيع، بطرح هذه التكلفة من السعر النهائي قبل الضرائب، يتم الوصول إلى الهامش الخام.
وهنا تكمن الخلاصة الأكثر إثارة، الهامش الخام تضاعف من 1.30 درهم/لتر منتصف 2021 إلى 2.60 درهم/لتر نهاية 2025، ويؤكد بنونة أن هذه الزيادة ثابتة كيفما كانت الفترة المختارة داخل نطاق 18 شهراً بين 2021 و2025، ما يعني—وفق تحليله—أن الأمر ليس وليد الصدفة.
وشدد الخبير الطاقي على أن كل درهم واحد يضاف إلى هامش الربح يساوي حوالي 8 مليارات درهم سنويا من الأرباح الناتجة عن بيع الغازوال فقط، هذا المستوى من الأرباح—يقول بنونة—له انعكاسات مباشرة على دخل أرباب محطات الوقود، كلفة النقل والخدمات اللوجستيكية، والقدرة الشرائية للمواطنين.
ويرى بنونة أن استمرار ارتفاع الهوامش منذ تحرير الأسعار سنة 2015، في ظل غياب منافسة حقيقية، أدى إلى استغلال شبه احتكاري للسوق، رغم أن الرفع من الهوامش، قانونيا، يبقى حقا تجاريا ما دام لا تثبت ممارسات منافية للمنافسة.
وطالب الخبير مجلس المنافسة بنشر معطيات نصف شهرية موثوقة خاصة بالفترة التي تسبق 2023، لتحليل التطور الحقيقي للهوامش لأكثر من سنتين، ولتقييم مدى التزام شركات التوزيع بالتعهدات التي وافقت عليها.





