واد سبو: فسحة ترفيهية تلهبها تحديات السلامة (ربورتاج)

اميمة المغاري: صحافية متدربة

ما إن تقترب من ضفاف واد سبو حتى تلفتك القوارب الخشبية الزرقاء، تلك المربوطة بحبال رثة على أطراف الحجارة السوداء.

هناك، يقف بحارة محليون ، يلوحون بأذرعهم لزوار النهر، يدعونهم إلى جولات صغيرة على متن قواربهم القديمة.

يمتد زمن الجولة بين خمس إلى ست دقائق فقط، في خط مستقيم بين الضفتين. بعض الركاب يعتبرون الأمر رمزيًا، تجربة بسيطة لاستكشاف النهر. لكن كثيرين يرون أن السعر لا يُوازي الخدمة: تقول شابة كانت تهمّ بالنزول من القارب: “بصراحة، عشر دراهم كثيرة على وقت لا يتجاوز دقائق. لا توجد أي إضافات… مجرد عبور ذهابًا وإيابًا.”

ورغم تواضع الرحلة، تظل القوارب مكتظة، خصوصًا مساءً، إذ يتوافد إليها الزوّار هربًا من زحمة المدينة.

على متن القارب… موسيقى ومخاوف

بمجرد صعودك القارب، قد يفاجئك البحّار بتشغيل الموسيقى عبر مكبر صوت محمول. أغانٍ شعبية وأخرى عصرية، تتماوج مع صوت الماء، تضفي طابعا خاصا على الرحلة، وإن لم تكن دائمًا من ذوق الجميع.

تقول سيدة كانت تصطحب أطفالها: على القارب، لا وجود لسترات نجاة، ولا إشراف واضح، فقط سواعد البحّار ومجذافه. الركاب يجلسون على ألواح خشبية غير مريحة، فيما القارب يتمايل بخفة مع كل حركة، وكل موجة.

عبور الجيتسكي وخطر انقلاب القوارب

وسط ذلك الهدوء و الانسيابية وتلك الأجواء  التي تتخللها أنغام الموسيقى وهمسات الطبيعة تتبدل المشاعر ، في  تلك اللحظة التي يمر فيها جيتسكي بسرعة عالية على مقربة من القارب. تخلق الدراجة المائية موجات عالية، تهزّ القارب الصغير وترجّه بعنف:

“كأن القارب سينقلب بنا!”، تقول أم شابة كانت تحتضن طفلها بفزع.
وتضيف: “هذا غير آمن إطلاقًا… لا أحد يراقب. لو حدث شيء، من سيتحمل المسؤولية؟”

نشاط عشوائي بلا تنظيم ولا تأطير

كل القوارب تشتغل دون تراخيص واضحة. لا إشارات، لا قوانين، لا تأمين. فقط مبادرة فردية من شباب وجدوا في النهر وسيلة لجني قوتهم. يقول احد مالكي هذه القوارب “”هذه القوارب ليست مجرد وسيلة لكسب المال، إنها أملنا الوحيد لنعيش بكرامة ، لأننا لا نملك الا هذا لنكسب قوتنا ونؤمن مستقبل عائلاتنا..

من جانبه، يضيف فاعل جمعوي محلي إلى ” لو  استثمرت المدينة في هذا الفضاء بشكل منظم، يمكن تحويله إلى نقطة جذب سياحي هامة تدر دخلاً وتخلق فرص عمل فالوضع الحالي يعكس غياب التنظيم والرقابة، مما يزيد من المخاطر ويحد من إمكانيات التنمية.”

تجربة  ممتعة محفوفة بالقلق

رحلة القارب في واد سبو، رغم بساطتها، تحوي خليطًا من المشاعر: متعة المنظر، نشوة الموسيقى، وخوف الغرق.و بين جمال النهر وإهمال التنظيم، تبقى التجربة حبيسة عشوائية الواقع. فهل تتحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ مشروع صغير قد يتحول إلى وجهة سياحية بامتياز؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى