وزير العدل يكشف عن تحديات تنفيذ الأحكام القضائية في المغرب

حسين العياشي
أشار وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في جوابه على الأسئلة الشفوية للنواب البرلمانيين، إلى وجود أزمة حقيقية في تنفيذ الأحكام القضائية في المغرب، معتبرًا أن الحكم القضائي لا قيمة له ما لم يُنفذ على أرض الواقع. وكانت هذه الكلمات بمثابة تسليط الضوء على مشكلة كبيرة تؤرق العديد من المواطنين، حيث اعتبر أن رغبة التنفيذ موجودة، ولكن المشكلة تكمن في الجهة التي يجب أن يتم تنفيذ الحكم ضدها.
وفيما يتعلق بالعقوبات البديلة، كشف الوزير عن حصيلة تنفيذ هذا النظام الجديد بعد أقل من شهرين من دخوله حيز التنفيذ. وقال إن عدد الحالات التي تم فيها إقرار العقوبة البديلة وصل إلى 450 حالة، لكن هناك أيضًا حالات صدرت فيها أحكام بالعقوبات البديلة ولم تُنفذ.
ورغم الفرصة التي أُتيحت للأشخاص المعنيين لتفادي السجن عبر تنفيذ العقوبات البديلة، إلا أن تسعة منهم فقط فشلوا في الوفاء بهذا الالتزام، ما أدى إلى اتخاذ قرار بإدخالهم السجن لتنفيذ العقوبة السجنية. وقد أكد الوزير أن تنفيذ العقوبات البديلة ليس قابلًا للتصالح، بل هو جزء من السياسة الجنائية التصالحية، داعيًا المحكومين إلى الالتزام بالأحكام وعدم الاستهانة بها.
لم يقتصر حديث وهبي على هذه النقطة فحسب، بل تطرق أيضًا إلى قضية الخصاص في الموارد البشرية داخل المحاكم. فقد أشار إلى أن الوزارة كانت قد توصلت إلى اتفاق مع موظفي وزارة العدل بشأن النظام الأساسي للوظيفة العمومية، الذي تضمن منحهم عدة امتيازات. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في تحديد نوعية الموظفين الذين يحتاجهم القطاع القضائي وكيفية توزيعهم. هل يُعتمد على المجازين في القانون لتولي مهام كتابة الضبط، أم يتم توظيف التقنيين المتخصصين في المجال المعلوماتي لتسيير المحاكم؟
في ظل هذه المعادلة المعقدة، أشار الوزير إلى أن الحكومة عن طريق قانون المالية تخصص 200 منصب شغل سنويًا، أي بمعدل موظفين اثنين فقط لكل محكمة، وهو ما يعكس حجم النقص الذي تواجهه المحاكم في المملكة.
وفي ختام حديثه، أشار وهبي إلى مشروع القانون الجنائي الذي سيتم إحالته قريبًا إلى البرلمان، والذي يتضمن تصورات جديدة بشأن السياسة الجنائية التصالحية. وأوضح أن المشروع يشتمل على بند ينص على أنه في حالة وقوع جريمة بين أشخاص دون تدخل الدولة، فإن تنازل المتضرر يؤدي إلى سقوط الدعوى العمومية، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في كيفية التعامل مع بعض القضايا الجنائية في المغرب.