
حسين العياشي
تحوّلت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين إلى لحظة ارتباك سياسي جديد، بعدما فشل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في تقديم رؤية حكومية واضحة لوقف الارتفاع المتواصل في أسعار اللحوم الحمراء. ورغم الملايين التي ضُخت في برامج الدعم والاستيراد، والتي انتهى بعضها بفضيحة “الفراقشية”، ظلّ الوزير يكرر العبارات ذاتها التي رافقت الأزمة منذ بدايتها، من دون أن يقرب المواطنين خطوة واحدة من حلّ ملموس.
واصلت أسعار اللحوم الحمراء تحليقها في حدود 120 درهماً للكيلوغرام، على الرغم من كل العمليات التي باشرتها الحكومة. ومع ذلك، لم يقدّم الوزير خلال الجلسة سوى توصيف عام للوضع، معتبراً أن الأزمة “إشكال مركب” تتداخل فيه عوامل الأعلاف، والعرض والطلب، وسلاسل التوزيع، من غير أن يعرض إجراءات جديدة أو خطة زمنية قابلة للقياس.
وزاد البواري من غموض المشهد حين اختار دفع المسؤولية إلى جبهات متعددة، بعد أن كان قد وعد، قبل أسابيع قليلة، بانخفاض وشيك في الأسعار. وقال إن التحكم في منحى الأسعار ليس رهيناً بوزارة الفلاحة وحدها، بل هو “مسؤولية مشتركة” بين القطاعات الحكومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية والمهنيين، في إشارة فُهمت على أنها محاولة لتوزيع ثقل الأزمة على الجميع.
واستعرض الوزير التدابير التي تقول الحكومة إنها اعتمدتها لدعم القطاع، وعلى رأسها دعم الأعلاف، ولا سيما الشعير والأعلاف المركبة، للتخفيف من كلفة الإنتاج على مربي الماشية. كما تحدّث عن تعليق رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة على الحيوانات الموجهة للذبح والتسمين إلى غاية 31 دجنبر 2025، وهو الإجراء الذي رافقه استيراد ما يقارب 249 ألف رأس من الأبقار و323 ألف رأس من الأغنام.
وأضاف أن الحكومة قامت أيضاً بتعليق الرسوم نفسها على استيراد اللحوم الطرية والمبردة والمجمدة من الأبقار والأغنام والماعز والإبل، في حدود 40 ألف طن، إلى غاية متم دجنبر الجاري. ورغم ثقل هذه الأرقام، ظلّ السؤال الأكبر بلا جواب: لماذا لم تنعكس هذه التدابير على الأسعار؟ وأين تلاشت آثار الدعم الذي مُوّل من المال العام؟
في نهاية الجلسة، بقيت الأسئلة معلّقة كما كانت، وبدا أن الحكومة ما تزال تبحث عن وصفة ضائعة لخفض أسعار اللحوم. وبين وعود لا تتحقق، وتدابير لا تغيّر شيئاً في جيوب المواطنين، يستمر الغلاء في فرض منطقه، بينما تتراكم الأسئلة أكثر من الإجابات.





