ولد الرشيد: “تقييم التنمية أصبح ركيزة استراتيجية لصنع القرار العمومي في إفريقيا”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

احتضنت مكتبة محمد السادس بمدينة العيون، صباح الجمعة 20 نونبر 2025، الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة العاشرة للجمعية العامة السنوية لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية (APNODE)، بحضور وازن لشخصيات برلمانية وحكومية ودبلوماسية تمثل مختلف دول القارة الإفريقية.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، أن احتضان العيون لهذه المحطة القارية يعكس المكانة التي أصبحت تحتلها الأقاليم الجنوبية كفضاء يحتضن دينامية تنموية نوعية، ونموذجا عمليا لتفعيل السياسات العمومية المبنية على الرؤية الاستراتيجية والتتبع والتقييم.

وشدد رئيس مجلس المستشارين على أن تقييم التنمية أصبح ركيزة استراتيجية لترشيد القرار العمومي في ظل التطورات المتسارعة التي يعرفها هذا المجال على المستوى الدولي، خصوصا المعايير التي تعتمدها لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ولم يعد التقييم، يضيف ولد الرشيد  مجرد عملية لقياس النتائج أو تتبع المؤشرات، بل أصبح فحصا لمدى انسجام السياسات مع الأولويات الوطنية، وقياسا لفعاليتها وكفاءة مواردها واستدامة مخرجاتها.

وفي هذا السياق، أبرز المتحدث الحاجة الملحة إلى ترسيخ ثقافة تقييم داخل القارة الإفريقية، بالنظر إلى التحديات المتزايدة المرتبطة بتقليص الفوارق التنموية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وما يتطلبه تدبير الموارد من توجيه صارم نحو البرامج الأكثر نجاعة وأثرا.

وأوضح ولد الرشيد أن تطوير التعاون البرلماني الإفريقي في مجال التقييم ينسجم مع الرؤية الإفريقية للمملكة المغربية، القائمة على الشراكة جنوب–جنوب، ودعم القدرات الإفريقية، كما رسخها جلالة الملك محمد السادس عبر مبادرات استراتيجية تعزز الاندماج القاري، من قبيل مبادرة إفريقيا الأطلسية ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب.

وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن انعقاد الدورة بالعيون له رمزية خاصة، باعتبار أن المدن الجنوبية للمملكة تقدم نموذجا تنمويا متقدما، يتجلى في مشاريع كبرى كالموانئ الجديدة، الطريق السريع تزنيت–الداخلة، مشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، ومحطات تحلية مياه البحر، وهي مشاريع تؤكد أثر السياسات العمومية القائمة على الرؤية والتتبع.

وقدم ولد الرشيد تصورا ثلاثيا لبناء ثقافة تقييمية برلمانية إفريقية قوية، يرتكز على الركيزة التشريعية والمؤسساتية، عبر تبني قوانين تؤطر التقييم وتلزم الحكومات والمؤسسات بإجراء تقييمات دورية، على غرار التجربة المغربية التي نص فيها ميثاق الاستثمار على تقييم فعالية أنظمة الدعم.

و الركيزة التنظيمية وتعزيز القدرات، من خلال إنشاء وحدات برلمانية متخصصة، وتطوير الذكاء البرلماني والمهارات التحليلية، بما يضمن استقلالية وظيفية ومنهجية في التقييم، وكذلك الركيزة المجتمعية، بجعل التقييم فضاء مفتوحا، يدمج خبرة الجامعات والمجتمع المدني والفاعلين المحليين، لضمان ارتباط السياسات بحاجيات المواطنين وواقعهم المعيش.

ودعا رئيس مجلس المستشارين إلى جعل هذه الدورة محطة لتبادل الخبرات وتعزيز مكانة التقييم في قلب السياسات العمومية الإفريقية، خدمة لتطلعات الشعوب نحو تنمية أكثر عدلا ونجاعة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى