ومتى نسيناك يا رسول الله؟

بشرى عطوشي
في كل عام يحل علينا عيد المولد النبوي الشريف بالمملكة المغربية، لا باعتباره مجرد ذكرى زمنية عابرة، بل بصفته محطة روحية متجددة تؤكد عمق ارتباط المغاربة بخير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فالمغربي حين ينهض صباحاً ويسمّي الله، وحين يبتدئ عمله بالبسملة، وحين يختم مجلسه بالصلاة والسلام على النبي، إنما يعكس أن سنّة المصطفى لم تغادر حياته اليومية، وأن وصاياه وأحاديثه لازالت حاضرة تلزمنا بالخير وتردعنا عن الشر.
لقد ظل النسب الشريف في بلاد المغرب متصلاً لم ينقطع، متمثلاً اليوم في قيادة سليل الشرفاء الملك محمد السادس نصره الله، الذي يجمع بين واجب الإمامة في الدين، ورعاية الأمة في الدنيا.
ولولا هذه الخصلة الشريفة التي غرسها أجداد المغاربة، من توقير لرسول الله وحب لآل بيته، لهُدمت الصوامع ولتبددت معالم الدين، ولكن الله حمى هذا البلد الأمين ببركة التعلق برسوله الكريم.
وما النهج العقدي الوسطي الذي يسلكه المغرب إلا امتداد لجوهر الرسالة المحمدية؛ فلا غلو ولا تفريط، بل اعتدال يجعل من الرسول صلى الله عليه وسلم حيّاً في وجداننا، حاضراً في سلوكنا، شاهداً على معاملاتنا، فنستحضر أخلاقه في تعاملاتنا اليومية، ونرجو شفاعته في آخرتنا.
هذه الوسطية جعلت المغاربة يتطلعون دوماً لزيارة قبره الشريف بالمدينة المنورة، يستمدون من حضرته نور الهداية، ويجددون العهد بالصلاة والسلام عليه، تلك الصلاة التي لا تفارق ألسنتهم حتى في المجالس اليومية والمذاكرات العفوية بين الناس.
وهكذا، فإن المغاربة حين يحتفلون بالمولد النبوي الشريف، فإنهم لا يكتفون بالابتهاج بميلاد النور، بل يعيدون تأكيد البيعة الروحية التي تربطهم بالنبي الأعظم، بيعة تتجلى في سلوكياتهم وأورادهم، وفي محبتهم الدائمة لرسول الله. فكيف يُسأل المغربي: “ومتى نسيناك يا رسول الله؟” وهو الذي لا ينساه في يقظته ولا في منامه، ولا في ذكره ولا في عمله؟





