وهبي يرد على معارضي تحديثات مشروع قانون المسطرة المدنية
خديجة بنيس: صحافية متدربة
يواصل مشروع قانون المسطرة المدنية في المغرب إثارة نقاشات واسعة، تتباين فيها الآراء حول مدى توافقه مع الدستور ومعايير حقوق الإنسان الدولية. وفي هذا السياق، أكد وزير العدل أن النقد الفكري والتعبير عن الرأي مرحب بهما، طالما أنهما يسهمان في تعزيز النقاش القانوني وتطوير النصوص التشريعية.
وفي المقابل أعتبر وهبي أن المطالبة بسحب المشروع من البرلمان رغم المصادقة عليه، أو الاعتراض على إحالته إلى مجلس المنافسة، بناء على اعتبارات مهنية ودون موجب سليم، تتطلب التزامًا بمسؤولية علمية وجدية في تقديم قراءات موضوعية تستند إلى الدستور والقوانين الوطنية والمعايير الدولية.
وأوضح الوزير أنه يجب على الجميع التحلي بالمسؤولية العلمية عند تقديم قراءات دقيقة للمقتضيات الدستورية والقانونية موضوع النقاش، والالتزام بما جاء في الوثيقة الدستورية والصكوك الدولية التي تحدد بوضوح العديد من المفاهيم المتعلقة بالعدالة وحقوق الإنسان بشكل عام، مثل المساواة وعدم التمييز.
وبالتالي فإن الاحتجاج بعدم احترام مشروع قانون المسطرة المدنية لهذه المفاهيم يجب أن يستند إلى ما هو منصوص عليه في الوثيقة الدستورية وقرارات القضاء الدستوري والوثائق الأممية، التي يعتبر الكثير منها إطارًا معياريًا ملزمًا ومتفقًا عليه دوليًا،وفق الوزير معتبرا أن كثيراً من الآراء المطروحة حول عدم احترام مشروع القانون لهذه المبادئ تفتقر إلى التأصيل القانوني السليم، مما يضعف من أهميتها العلمية.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي قال إن حرص الوزارة على متابعة النقاش حول مشروع قانون المسطرة المدنية والتفاعل معه بجدية ومسؤولية، يعكس أهمية الحوار الفكري البناء، مشيرا إلى أن هذا الحوار يساهم في تعزيز النقاش المجتمعي ضمن إطار الدستور والقانون، بهدف تبادل الآراء والحجج على أسس علمية، للوصول إلى نصوص تشريعية تحقق المصلحة العامة وتضمن حقوق المواطنين والمستفيدين من العدالة على قدم المساواة، في ظل دولة المؤسسات.
في المقابل اعتبر وهبي أن استمرار بعض الأحكام المسبقة التي تتداول مؤخرا حول انتهاك مشروع قانون المسطرة المدنية لبعض مبادئ حقوق الإنسان لا يساهم بأي شكل في تقديم قراءة علمية وموضوعية للمواقف المطروحة، وفقًا للإطار المعياري المعترف به في القانون الدولي لحقوق الإنسان. هذا يضعف من القيمة العلمية لتلك الأحكام، حيث أن الادعاء بخرق مبادئ متعارف عليها عالميًا يكون مقنعًا فقط إذا التزم بالمفاهيم المحددة في هذه الوثائق والاجتهادات القضائية والفقهية، وهو ما لم يتحقق في العديد من الكتابات والآراء المطروحة مؤخرًا في هذا الصدد.
وابرز وهبي أن هناك من يرى أن المغرب ليس بحاجة إلى قانون جديد، ويعتبرون أن قانون المسطرة المدنية لعام 1974 كافٍ حتى الآن، هؤلاء يفضلون الحفاظ على الوضع الحالي، معتمدين على التفسير والتأويل للتكيف مع المستجدات، بدلًا من تحديث النصوص التشريعية بشكل ديمقراطي.
ويرى وهبي أن هذا النهج يسعى لفرض تفسيرات ضيقة للحقوق الدستورية، غير أنها غير مناسبة كأساس لمشاريع تشريعية رشيدة، لأنها تفتقر إلى التأصيل السليم والتحليل الموضوعي الذي يراعي مصالح جميع الأطراف في نظام العدالة.
وأضاف وهبي أن وصف عمل الهيئات التي أشرفت على إعداد مشروع قانون المسطرة المدنية بأنها مجرد مبادرة تشريعية من حكومة واثقة بأغلبيتها داخل البرلمان لتعزيز “التغول التشريعي”، يتعارض مع قيم المجتمع الديمقراطي الذي يُحتكم فيه إلى الدستور. وأكد أن المبادرة التشريعية تعتبر فضيلة، وممارسة المؤسسات والسلطات لاختصاصاتها الدستورية تمثل نجاحًا للديمقراطية.
وأشار وهبي إلى أن قيام السلطة التنفيذية بإنتاج مشاريع قوانين يعكس ديناميكيتها وتحملها للمسؤولية واستعدادها للدفاع عن قناعاتها، في إطار الملاءمة التي يمنحها لها الدستور. كما أوضح أن هذه العملية لا تخضع لرقابة المحكمة الدستورية لأنها تتعلق بالسياسة التشريعية، وهو مجال سياسي تملك فيه السلطة التنفيذية كامل الحرية.
وأوضح وهبي أن الوزارة، إدراكا منها لأهمية مواصلة الانخراط في النقاش العمومي حول مشروع قانون المسطرة المدنية، وحرصًا منها على تنوير الرأي العام، قررت الاستمرار في نفس النهج القائم على الحوار والتفاعل مع الآراء المطروحة. مضيفا أن هذا سيتم من خلال مراجعة بعض التوجهات بقراءة هادئة في ضوء الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن النصوص التي كانت موضوع النقد يمكن اختزالها في عشرة مواد من مجموع مواد المشروع البالغ عددها 644 مادة.