100 درهم للمتر.. الحياني يكشف تناقضات توسعة شارع محمد السادس بالرباط

حسين العياشي
كشف المستشار الجماعي عن فيدرالية اليسار بجماعة الرباط، عمر الحياني، عن معطيات مثيرة بخصوص مشروع توسعة شارع محمد السادس بالعاصمة، بعد أن حددت لجنة التقييم ثمن المتر المربع لنزع ملكية هكتارات من عشرات الملاكين في 100 درهم فقط.
الحياني اعتبر أن هذا الثمن لا يعكس بأي حال من الأحوال القيمة الحقيقية للعقار في هذا الشارع، حيث تتجاوز قيمته السوقية 5000 درهما للمتر الواحد. وانتقد ما وصفه بالازدواجية الصارخة في تعامل الإدارة المغربية، إذ إن مديرية الضرائب تطالب المواطنين بأداء رسوم على أساس القيمة السوقية الحقيقية في حال التفويت، بينما لجان التقييم تعتمد أسعاراً هزيلة بعيدة كل البعد عن الواقع، مما يكرس حالة من الظلم والحيف في حق الملاك.
وأشار إلى أن المتضررين سيضطرون للجوء إلى القضاء لرفع قيمة التعويضات، وهو مسار يطول عادة ويثقل كاهلهم بالإجراءات، في وقت كان يفترض أن تسود الشفافية والعدل منذ البداية.
الجدل حول المشروع لم يتوقف عند مسألة التعويضات، بل امتد إلى جدواه الحضري، حيث يرى الحياني أن شارع محمد السادس يتوفر أصلاً على ستة ممرات، وقد رُصدت له ميزانيات ضخمة قبل سنوات قليلة لإصلاحه، الأمر الذي يجعل من قرار توسعته مجرد عبث حضري سيحوّله إلى طريق سيار وسط المدينة، ويعرض حياة الراجلين وذوي الاحتياجات الخاصة للخطر، فضلاً عن رفع منسوب السرعة وحوادث السير.
وفي خضم هذا النقاش، عبّر عدد من المواطنين عن استغرابهم من إصرار السلطات على التوسعة بدل التفكير في حلول عملية أكثر نجاعة، مثل إنجاز ممرات تحت أرضية سواء للسيارات عند ملتقيات الطرق أو للراجلين في نقاط الذروة، وهو خيار أثبت نجاعته في تجارب دولية عديدة، وكان من شأنه التخفيف من ضغط الحركية المرورية دون تهديد التوازن الحضري.
كما برزت انتقادات حادة لمساطر نزع الملكية التي يعتبرها كثيرون ظلماً بيناً، بالنظر إلى أن لجان التقويم تحدد تعويضات زهيدة لا علاقة لها بالأسعار الجارية، في ظل فراغ تشريعي يجعل المواطن الحلقة الأضعف.
من جهة أخرى، طرحت تساؤلات حول أولويات صرف المال العام، حيث رأى متابعون أن الحديث عن القطع مع “المغرب ذو السرعتين” لا يعني الاقتصار على نقل الميزانيات من الرباط إلى مدن مجاورة مثل سلا أو تمارة، بل يفرض التفكير في العالم القروي الذي ما زال سكانه يعيشون في عزلة تامة بسبب غياب الطرق والمسالك. فالاستثمار في البنيات التحتية القروية كان سيشكل أولوية أكثر عدلاً وإنصافاً، مقارنة بإنفاق مبالغ ضخمة على شارع وُصف أصلاً بالواسع والمهيأ.
هكذا، يتضح أن النقاش حول مشروع توسعة شارع محمد السادس يتجاوز قضية تقنية مرتبطة بالمرور، ليكشف في العمق عن خلل في منطق التخطيط الحضري، وعن غياب رؤية شمولية تراعي العدالة المجالية وتوازن الأولويات بين الحواضر والقرى.





