12 ساعة عمل وتصريح بنصف يوم.. السطي يسائل الحكومة حول معاناة حراس الأمن الخاص

حسين العياشي

يُعدّ قطاع الأمن الخاص أحد الأعمدة الخفية التي يقوم عليها انتظام المرافق العمومية والخاصة، إذ يشتغل داخله آلاف المستخدمين الذين يسهرون يوميًا على حماية الإدارات، والمؤسسات الصحية، والمرافق التربوية، والمنشآت الاقتصادية، في ظروف غالبًا ما تفرض عليهم مسؤوليات جسيمة دون أن يقابلها اعتراف قانوني أو اجتماعي منصف. غير أن هذه الأهمية المتزايدة لا تنعكس، للأسف، على أوضاعهم المهنية والاجتماعية، التي ما تزال تشكو اختلالات بنيوية عميقة تستدعي تدخّلًا استعجاليًا من الجهات الوصية.

في هذا السياق، وجّه المستشار البرلماني خالد السطي سؤالًا كتابيًا إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، حول الوضعية المقلقة لحراس الأمن الخاص، مسلطًا الضوء على جملة من الخروقات التي باتت تطبع هذا القطاع الحيوي، وتحوله من مجال شغل منظم إلى فضاء للهشاشة والاستغلال.

وأبرز السؤال أن النقابة الوطنية للشغل بالمغرب، ومن خلال تتبعها الميداني لوضعية العاملين، رصدت استمرار ممارسات تضييقية تمسّ الحرية النقابية والعمل النقابي، إلى جانب عدم احترام عدد كبير من شركات الحراسة الخاصة لمقتضيات مدونة الشغل. ويتجلى ذلك، أساسًا، في عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو اللجوء إلى التصريح بأيام عمل غير مطابقة للواقع، فضلًا عن التصريح بأجور تقل عن الأجور الحقيقية التي يتقاضاها المستخدمون.

كما كشف السؤال عن فرض ساعات عمل مرهقة، تصل في الغالب إلى اثنتي عشرة ساعة يوميًا، مقابل أجور لا تتناسب إلا مع ثماني ساعات عمل، في خرق صريح للقانون، يضاف إليه حرمان شريحة واسعة من المستخدمين من حقوقهم الأساسية، من قبيل تعويضات الأقدمية، والراحة الأسبوعية، والعطلة السنوية، والاستفادة من الأعياد الدينية والوطنية، وكذا التعويض عن الساعات الإضافية.

ولم تتوقف مظاهر الاختلال عند هذا الحد، بل تمتد إلى غياب وسائل العمل والتجهيزات الوقائية الضرورية، بما يعرّض المستخدمين لمخاطر مهنية جسيمة، فضلًا عن هشاشة الشغل الناتجة عن تغيّر الصفقات العمومية، حيث يُترك العمال في مهبّ الانتقالات بين الشركات، دون أي ضمانة للحفاظ على حقوقهم المكتسبة أو استقرارهم المهني.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، تساءل المستشار البرلماني عن الإجراءات التي تعتزم الوزارة الوصية اتخاذها لتكثيف المراقبة على شركات الأمن الخاص، وضمان احترامها للمقتضيات القانونية المرتبطة بالأجور، وساعات العمل، والتصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما استفسر عن التدابير المزمع اعتمادها للحد من هشاشة الشغل داخل هذا القطاع، وضمان استمرارية المستخدمين عند انتقال الصفقات من شركة إلى أخرى، بما يحفظ حقوقهم المكتسبة ويصون كرامتهم المهنية.

ولم يفت السؤال إثارة مسألة أعمق، تتعلق بمدى انخراط الوزارة في إعداد مخطط متكامل لإعادة تنظيم قطاع الأمن الخاص، عبر وضع معايير مهنية وتكوينية ملزمة لشركات الحراسة، بما من شأنه الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة، وضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية للعاملين في هذا المجال.

بهذا الطرح، يضع السؤال البرلماني ملف حراس الأمن الخاص في صلب النقاش العمومي، باعتباره اختبارًا حقيقيًا لنجاعة السياسات العمومية في مجال الشغل، ومدى قدرتها على حماية الفئات التي تشتغل في الظل، وتؤدي أدوارًا حيوية، دون أن تنال نصيبها العادل من الحماية والإنصاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى