المجلس العلمي الأعلى يطلق فتوى الزكاة بروح الاعتدال والتجديد الفقهي

حسين العياشي

نشر المجلس العلمي الأعلى، يوم الجمعة على الساعة الثالثة بعد الزوال، نص الفتوى الخاصة بالزكاة، وذلك بعد أن تفضل جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، حفظه الله، بالاطلاع عليها ومنح موافقته السامية لنشرها وإتاحتها أمام عموم المواطنين. وقد تم عرض نص الفتوى على الموقع الرسمي للمجلس العلمي الأعلى، وكذا على البوابة الإلكترونية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

في مقدمة الفتوى، أوضح المجلس العلمي الأعلى أن الغاية من هذا العمل العلمي هي البيان والتبليغ والتذكير، وهي مهام جوهرية تندرج في صميم رسالة العلماء ودورهم في خدمة الدين وتنوير الناس بأحكامه. كما أكد المجلس أن أغلب الأحكام الواردة في هذه الفتوى تنسجم مع أصول المذهب المالكي، واستعرضت أربعة محاور رئيسية تتعلق بأنواع الأموال الخاضعة للزكاة، والمقادير الواجبة في كل نوع، مع اتخاذ النقود مرجعًا لتقدير القيمة، إلى جانب تحديد وقت وجوب الزكاة والفئات المستحقة لها.

وأشار المجلس إلى أن السياق الحالي لا يشمل فئتين من مصارف الزكاة الواردة في النصوص الشرعية، وهما العاملون على جمعها، والعبيد الذين كانت الزكاة تُصرف لتحريرهم في عصور سابقة.

ومن بين المستجدات التي حملتها هذه الفتوى، أنها وسعت نطاق الزكاة لتشمل ليس فقط الأموال التقليدية كالزروع والأنعام، بل امتدت لتغطي منتجات الأرض الأخرى، وقطاعات التجارة الحديثة، والصناعة، والخدمات، في استجابة لمتغيرات الواقع الاقتصادي والاجتماعي المعاصر. كما أعلن المجلس عزمه على فتح ركن خاص على بوابته الإلكترونية مخصص للأسئلة المتعلقة بزكاة الأنشطة الاقتصادية الجديدة المولدة للدخل، في خطوة تهدف إلى مواكبة تطور المعاملات الاقتصادية بروح من الاجتهاد المنضبط بأصول الشريعة.

وأبرز المجلس العلمي الأعلى الطابع الوسطي والمعتدل الذي يميز هذه الفتوى، المستندة إلى الاجتهاد الفقهي الرصين، والتي جاءت لتجيب عن تساؤلات كثيرة يطرحها الناس في زماننا، مؤكداً أن الغاية منها هي توضيح أحكام الركن الثالث من أركان الإسلام، والمساهمة في صيانة الدين من أي غلو أو انحراف، دون فرض أو إكراه.

بهذا العمل العلمي الرفيع، يواصل المجلس العلمي الأعلى، تحت التوجيهات السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، أداء رسالته في ترسيخ القيم الدينية الأصيلة، ونشر المعرفة الشرعية الموثوقة، بما يعزز علاقة المغاربة بدينهم، ويجسد في الآن ذاته روح الاجتهاد الراسخ والاعتدال الذي عُرفت به المملكة المغربية عبر تاريخها الديني العريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى