138 ألف هكتار تحت الاحتلال.. ووزارة الداخلية تتحرك لاسترجاعها (تقرير)

حسين العياشي

تحركت وزارة الداخلية بخطوات متسارعة لمواجهة تفاقم ظاهرة الاستيلاء غير المشروع على الأراضي السلالية، قبل إدماجها في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومن خلال مديرية الشؤون القروية، أطلقت الوزارة عملية واسعة لتحديد وضبط وضعية الأملاك الجماعية المستغلة خارج أي إطار قانوني.

تكشف المعطيات التي تضمنها تقرير حديث لوزارة الداخلية عن حجم غير مسبوق من الاستغلال غير المشروع: أكثر من 138 ألف هكتار من أراضي الجماعات السلالية تُستغل دون أي سند قانوني. وقد مكّنت عملية المسح الشامل، التي نُفذت بتنسيق بين مديرية الشؤون القروية وممثلي الجماعات السلالية والسلطات المحلية والمصالح الإقليمية، من تصنيف تلك التجاوزات إلى ثلاث فئات رئيسية: أفراد يستغلون الأراضي دون حق، إدارات عمومية تحتل مساحات معتبرة، وجماعات ترابية تستفيد بدورها من عقارات جماعية دون ترخيص.

المعطيات الرقمية تسلط الضوء على اتساع الظاهرة. فهناك أكثر de 62 ألف قطعة فلاحية، تغطي 138 ألف هكتار، تحت سيطرة أفراد دون صفة قانونية. كما تُستغل 7.855 قطعة أخرى، تمتد على 2.800 هكتار، من طرف إدارات عمومية، في حين تستغل الجماعات الترابية أزيد من 1.100 هكتار موزعة على أكثر من 3.200 قطعة بدون أي تأطير قانوني. هذه الوضعية دفعت الدولة إلى الشروع في مساطر للتسوية، غير أن نتائجها ظلت متفاوتة بين تعاون محدود ورفض واسع.

ورغم توقيع 930 عقد كراء لفائدة الخواص على مساحة تقارب 3.700 هكتار، فإن جزءاً كبيراً من المحتلين غير الشرعيين يواصل رفضه لأي تسوية. وقد أحيل 4.448 ملفاً على القضاء تتعلق باستغلال غير قانوني لما يفوق 14 ألف هكتار. أما بخصوص الإدارات العمومية، فقد سُويت 1.869 حالة تخص 552 هكتاراً، تُقدّر قيمتها بـ396 مليون درهم. بينما تمكنت الجماعات الترابية من تسوية 266 ملفاً فقط، تغطي 120 هكتاراً بقيمة تناهز 69 مليون درهم.

هذا التحرك المكثف يعكس رغبة واضحة لدى وزارة الداخلية في حماية الوعاء العقاري الجماعي وإعادة تنظيمه. فقد تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحديد أزيد من 6,9 ملايين هكتار من الأراضي السلالية عبر التراب الوطني، منها 75 ألف هكتار جرى إحصاؤها خلال الأشهر الثمانية الأولى فقط من السنة الجارية. وقد رافق هذه العملية إصدار حزمة من التدابير القانونية والإدارية لتأمين الوضعية القانونية لهذه الأملاك.

كما يعمل قطاع عبد الوافي لفتيت على تعزيز آليات المراقبة والتتبع، من خلال إحداث نظام معلوماتي مخصص لتدبير الأراضي السلالية، يتيح جرداً دقيقاً لممتلكات الجماعات، ووضعيتها القانونية، ومواقعها، وكيفية استغلالها. إلى جانب تعبئة المصالح القانونية للوزارة لفتح ملفات السطو العقاري وتتبع الشكايات، والدفاع عن حقوق الجماعات السلالية أمام القضاء، في معركة طويلة لاستعادة أراضٍ ظلت لسنوات رهينة احتلال غير مشروع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى