بوجعبوط ل”إعلام تيفي”:تأسيس تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب سنة 2003 يعد مدخلا للمصالحة الوطنية

 

مما لا يختلف عليه اثنان هو أن المملكة المغربية شهدت تطورًا ملحوظًا على جميع المستويات، وذلك بفضل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس. فمنذ اعتلائه العرش في 30 يوليو 1999، قاد جلالته البلاد عبر فترة من التحولات الكبرى، محققًا نقلة نوعية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبعد 25 عامًا من الحكم، يتجلى بوضوح كيف نجح الملك محمد السادس في توجيه المغرب نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا، معززا مكانته كمثال للقيادة الحكيمة والتنمية الشاملة.

وقام جلالة الملك محمد السادس بإطلاق سلسلة من الإصلاحات السياسية التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في المغرب. هذه الإصلاحات شملت تحديث الدستور، تعزيز حقوق الإنسان، وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، هذه الإصلاحات أسفرت عن تحسين البيئة السياسية في المغرب، وزيادة الثقة في المؤسسات الحكومية، مما ساهم في تعزيز المشاركة السياسية وتقوية النسيج الديمقراطي في البلاد.

في هذا الصدد أفاد باحث في العلوم السياسية ومتخصص في العدالة الانتقالية مصطفى بوجعبوط في تصريح لموقع “إعلام تيفي” أن فترة الملك محمد السادس تميزت بمجموعة من الإصلاحات المرتبطة بطبيعتها الماكروسياسية والميكروسياسية جعلت المملكة المغربية تتبوء المكانة العالية في السياق الدولي، مشيرا أن لهذه الإصلاحات السياسية مكانة عالية التي غيرت فكر المجتمع بمنظور للسلطة والسياسة من قبول ونقد وتفاعل…

وأضاف المتحدث أن تأسيس تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب سنة 2003 تعد أحد المداخل للمصالحة الوطنية بعد تأسيس هيئة الإنصاف المصالحة لمعالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ما بين 1956_1999.

وأبرز الأستاذ بوجعبوط أن هذه المرحلة كانت مرحلة هامة لتأسيس الانتقال والتحول الديمقراطي بعد تحمل الدولة مسؤوليتها عن الانتهاكات التي وقعت في الماضي وحاولت من خلالها قراءة ومعالجة تلك الأحداث والوقائع من تقديم تعويضات فردية للضحايا وإعداد برامج للتعويضات الجماعية للمناطق التي كانت مرحبا للانتهاكات او التي احتضنت مراكز الاعتقالات السرية سواء النظامية أو غير النظامية، هذه التجربة كان لها بعد دولي ووطني في كشف ومعالجة هذا الملف. وفق المتحدث

وسجل الباحث في العدالة الانتقالية أن المغرب التزم بمخرجات التقرير الختامي التي كان منها الإصلاح الدستوري الذي ترجم فيه تلك التوصيات خصوصا في دستور 2011.

هذه المقاربة التي اسسها جلالة الملك محمد السادس كان لها صدى كبير على مستوى الوطني والدولي،  كأول تجربة في شمال افريقيا وتعتبر كذلك ضمن أهم 40 تجربة دولية التي انبنت عليها آليات العدالة الانتقالية المغربية، وأثرت على نمط الحكم من خلال الالتزام بالمواثيق الدولية ونهج سياسات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المستقبل، ونهج ضمانات قانونية ومؤسسات لحماية حقوق الإنسان بالمغرب.

وفيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، فقد تعاملت السياسات الملكية لجلالة الملك محمد السادس بحكمة وواقعية مع هذه القضية، مركزاً على تعزيز الموقف المغربي ودعم الحلول السلمية.

فمنذ توليه العرش، تبنى الملك محمد السادس سياسة مبدئية تهدف إلى تعزيز الموقف المغربي عبر دعم المبادرات الدبلوماسية والسياسية، والعمل على توسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء من خلال تعزيز العلاقات الدبلوماسية، وتشجيع الاستثمارات في المنطقة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذا التوجه ساهم في تحسين الوضع الإقليمي وتعزيز الموقف المغربي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وفي هذا الصدد أوضح  مصطفى بوجعبوط مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، أن جل سياسات جلالة الملك محمد السادس كانت تهدف الى تقديم مبادرات حل النزاع بشكل سلمي، فقد كان لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية من أكثر المقترحات تقدّما على مستوى العالم والمدعم من لدن المجتمع الدولي.

وأبرز أن جلالة الملك قد واصل سلسة من المشاريع في الأقاليم الجنوبية تهدف إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوسيع هامش الحريات العامة…

بالإضافة إلى الدبلوماسية الملكية التي لعبت دورا رياديا في توالي وترجمة الدعم السياسي لمقترح الحكم الذاتي، وقد تم فتحت 30 دولة قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء.

وبشكل موازي يضيف الدكتور بوجعبوط أنه تم إطلاق عدد من المشاريع المتعلقة بالبنيات التحتية الأساسية والمخططات الاستراتيجية موجهة أساسا لتنمية الصحراء المغربية (ميناء الداخلة…) والإنسان الصحراوي في بعده الاجتماعي والثقافي.

وغير بعيد عن هذا، وبفعل توجيهات جلالة الملك محمد السادس لتفعيل المبادرة الملكية الاطلسية لتعزيز مكانة أفريقيا في الاقتصاد العالمي وخصوصا ضمن دول غرب أفريقيا، إضافة إلى مشروع بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من نيجيريا عبر دول غرب إفريقيا إلى المغرب وغيرها بحسب المتحدث.

وبفضل الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، شهد المغرب تحولات هامة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي. فقد أطلق الملك سلسلة من الإصلاحات السياسية منذ توليه العرش، عززت الديمقراطية والحكم الرشيد من خلال تحديث الدستور وتعزيز حقوق الإنسان وتوسيع المشاركة السياسية. من جهة أخرى، تعاملت السياسات الملكية بواقعية مع قضية الصحراء المغربية، من خلال المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمت حلاً واقعياً للنزاع المفتعل وركزت على تعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وتطوير المنطقة اقتصادياً. هذه الجهود أسفرت عن تحسين البيئة السياسية في المغرب، تعزيز الثقة في المؤسسات، وتقوية الموقف المغربي على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما ساهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى