26 سنة من التنمية والتحولات الكبرى تقودها الرؤى المتبصرة للملك محمد السادس

 

بشرى عطوشي 

إذا كان قطار التنمية يسير بثبات ويقف في كل محطة يمر منها، ليضيء فيها الطرق، فذلك بعناية الملك محمد السادس، الذي يرعى هذه المسيرة، نحو وضع المغرب بمصاف متقدمة.

ف26 سنة من الحكم وتولي جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، هي بمتابة مسيرة أضاءت طريق الإصلاح والبناء والتنمية.

رؤى متبصرة قادت الأوراش إلى وضع لبنات التنمية ورص بنى كل الطرق نحو التقدم والازدهار والإنعام بالأمن والسلام بمختلف ربوع المملكة.

على كافة المستويات وبكل مكان وضع جلالته قاطرات التقدم نحو مستقبل آمن و مستقر، وحافل بمزيد من التنمية في ظل قيادة جلالته.

وعرف المغرب مند 26 سنة من حكم جلالة الملك محمد السادس، سلسلة مترابطة من الأوراش التنموية المستدامة، شملت مختلف المجالات و القطاعات بالدولة، كما شكلت هندسة اجتماعية تضامنية شاملة الرؤى تتوخى في جوهرها جعل المواطن ضمن الأولوية الكبرى في مسلسل الإصلاح الشامل، و الهدف الأساسي للنهوض بالعنصر البشري ببلادنا، رسخ من خلالها جلالته مبادئ التضامن و التكافل و التآزر الاجتماعي، برؤية ملكية تضامنية للمجال الاجتماعي والاقتصادي حيث اعتمدت احدث النظم والأساليب التدبيرية، وذلك من خلال وضع أهداف واضحة تتسم بالانسجام والفعالية والنجاعة والملائمة مع القدرة على التأثير و تحديد دقيق للمؤشرات كل ذلك وفق آلية الحكامة المجالية التي يدعو لها جلالته.

وأضاءت رؤى جلالة الملك على مدى 26 سنة الدروب الوطنية والدولية على حد سواء، وأعطت إشعاعها خارج أرض الوطن وبكل المحافل وعلى كل المستويات والأصعدة، إنسانيا وبيئيا، لا على المستوى الإقليمي، أو العربي أو الغربي وبكل العالم.

وظلت القضية الوطنية والوحدة الترابية من أبرز وأهم مرتكزات الرؤى الملكية، وتمكن جلالته من اتخاذ ديبلوماسية ناعمة، قادت لأن يحظى المغرب بمكانة هامة بين دول المعمور، وجعلت مبادرة الحكم الذاتي تحظى بتزكية العديد من الدول حتى تلك التي كانت إلى وقت قريب لا تؤمن بقضية الوحدة الترابية.

إن ركائز الدولة الآمنة، والمغرب الحاضر بين الدول بكل قوة وشموخ لا بد وأنها تتقوى بتزيد صلابتها وتشتد قواعدها في ظل ملك يحمل في دواخله هم شعب ووطن ويرصص الطرق نحو ازدهارهما برؤى حكيمة وواثقة.

 

الغيلاني ل”إعلام تيفي”: “الدبلوماسية الملكية اسقطت مناورات الانفصال و رسمت معالم التسوية النهائية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

كشف الدكتور الغالي الغيلاني، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن الديبلوماسية المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس نجحت في نقل قضية الصحراء المغربية من دائرة الجمود إلى دينامية جديدة متعددة الأبعاد، مؤكّدًا أن هذا التحول الاستراتيجي حوّل المملكة إلى “قوة إقليمية وقارية وشريك موثوق على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف”.

وأوضح غيلاني، لـ”إعلام تيفي”، أن قضية الصحراء أصبحت معيارًا للعلاقات الخارجية للمغرب، وفق ما أكده الملك محمد السادس، حين اعتبرها “النظارة التي يرى بها المغرب العالم”. مضيفًا أن المملكة عملت على بلورة نهج ديبلوماسي يرتكز على أربعة محاور أساسية: ترسيخ السيادة، حشد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، سحب الاعتراف بالكيان الانفصالي، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية.

وشدد المتحدث على أن النتائج الرقمية تؤكد نجاح هذا النهج؛ إذ لم تعد 85% من دول الأمم المتحدة تعترف بالكيان الانفصالي، وتم سحب الاعتراف من طرف 46 دولة منذ سنة 2000، كما فتحت 30 دولة قنصليات في مدينتي العيون والداخلة.في الوقت ذاته، تعترف 117 دولة بمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد وواقعي يتمتع بالجدية و المصداقية ، من ضمنها 22 دولة أوروبية و اي ما يمثل مجموع 60% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة

الديبلوماسية المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس نجحت في نقل قضية الصحراء المغربية من دائرة الجمود إلى دينامية جديدة متعددة الأبعاد

وأشار الدكتور إلى أن مجلس الأمن نفسه وصف مبادرة الحكم الذاتي المغربية بأنها جادة وواقعية وذات مصداقية، في قراره الأخير رقم 2765 الصادر سنة 2024، مما يكرس مكانة المغرب كمحاور أساسي داخل المسلسل الأممي، ويؤكد أن أي حل للنزاع لا يمكن أن يكون خارج السيادة المغربية، ولا خارج إطار الأمم المتحدة، ولا بدون إشراك الأطراف المعنية، خصوصًا الجزائر.

وأوضح أن الديبلوماسية الملكية نجحت في تحييد الاتحاد الإفريقي من الملف، وقصر دور المؤسسات القارية على دعم جهود الأمم المتحدة، بناءً على القرار رقم 693 الصادر عن قمة الاتحاد الإفريقي.

وأضاف غيلاني أن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه الملك سنة 2015، حول الصحراء المغربية إلى منصة استراتيجية للربط بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، من خلال مبادرات هيكلية كأنبوب الغاز النيجيري-المغربي، والمبادرة الأطلسية لفائدة دول الساحل، ومشروع تمكين تلك الدول من الولوج إلى الواجهة البحرية الأطلسية.

وأكد على أن الديبلوماسية المغربية باتت تقارب ملف الصحراء من زوايا متعددة: سياسية، اقتصادية، تنموية، أمنية واستراتيجية، مما جعل المملكة تفكك أطروحة الانفصال وتبني زخمًا دوليًا متناميًا يدعم وحدتها الترابية على أساس الحكم الذاتي.

بودن ل”إعلام تيفي”: “جلالة الملك وضع القضية الفلسطينية في منزلة تعادل القضية الوطنية”

 

أكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن جلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، يضطلع بدور استراتيجي راسخ في دعم القضية الفلسطينية، واضعًا إياها في منزلة رفيعة تعادل من حيث الأهمية الوطنية قضية الصحراء المغربية في وجدان المغاربة.

وأوضح بودن ل”إعلام تيفي” أن الالتزام الملكي تُرجم على مستويات دبلوماسية وإنسانية وميدانية متعددة، حيث عبّرت المملكة عن مواقف ثابتة تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

الخبير المغربي في العلاقات الدولية محمد بودن: أضرار الزلزال فادحة في مراكش وضواحي أغادير

وأضاف أن هذا الالتزام لا يتوقف عند التصريحات، بل يمتد إلى دعم صمود المقدسيين وتوفير المساعدات الإنسانية، من خلال مبادرات ملموسة، بينها تنظيم مخيمات صيفية لأطفال القدس تحت استقبال الأمير مولاي الحسن.

جلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، يضطلع بدور استراتيجي راسخ في دعم القضية الفلسطينية، واضعًا إياها في منزلة رفيعة تعادل من حيث الأهمية الوطنية قضية الصحراء المغربية في وجدان المغاربة.

وأشار بودن إلى أن التوجيهات الملكية تتضمن دائمًا توضيحات دقيقة للمحددات الكبرى للموقف المغربي، الذي يعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضية مبدأ وشعب، وليست مجالًا للحياد أو التردد. واعتبر أن هذا النهج يترجم عقيدة دبلوماسية واضحة المعالم تتبناها الدولة المغربية بكافة مؤسساتها، من الملك إلى الحكومة والبعثات الدبلوماسية.

وفي الشق السياسي، لفت بودن إلى احتضان المغرب لاجتماع التحالف العالمي لحل الدولتين في ماي الماضي، وهو ما يعكس انخراطه الفعلي في إيجاد حلول سياسية متوازنة. كما تشيد مختلف القمم العربية والإسلامية والدولية، من قمة بغداد إلى قمة بانجول، برؤية جلالة الملك ومبادراته المتواصلة.

التحالف الدولي لحل الدولتين يجتمع بالرباط… وتقدير فلسطيني لجهود جلالة الملك – كابريس

وأضاف أن الملك يوجه سنويًا، في نونبر، رسالة رسمية إلى اللجنة المعنية بالقضية الفلسطينية بالأمم المتحدة، تؤكد المواقف المبدئية للمغرب، وتبرز الحاجة إلى سلام عادل ومستدام يُجنب المنطقة الانزلاقات والمآسي.

وأكد على أن المغرب لا يكتفي بدعم نظري، بل هو فاعل عملي يجسد التزامه عبر خطوات واضحة، رؤية متبصرة، ومواقف تحظى باحترام المجتمع الدولي، لأن المملكة، بتوجيهات ملكية سامية، تؤمن أن السلام هو الغاية الأسمى لتحقيق الاستقرار والعدالة في المنطقة.

المرأة المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس.. رهان التمكين

حسين العياشي

ستة وعشرون عامًا مرت على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، ستة وعشرون عامًا من التحولات العميقة، ومن أبرز تجلياتها التحول الجذري في وضعية المرأة المغربية، سواء على المستوى القانوني أو الاقتصادي أو السياسي أو الرمزي.

منذ خطاب العرش الأول سنة 1999، وضع جلالة الملك قضية تمكين المرأة ضمن أولويات المشروع المجتمعي الحداثي، مؤكدًا أن الإنصاف والمساواة ليستا ترفًا حقوقيًا، بل أساسًا لبناء مغرب جديد. وقد تجسدت هذه الرؤية في خطوات إصلاحية متتالية غيرت ملامح الحضور النسائي في المشهد الوطني.

كانت سنة 2004 محطة مفصلية، مع تعديل مدونة الأسرة، التي اعتُبرت آنذاك ثورة هادئة في التشريع المغربي، حيث منحت المرأة وضعًا قانونيًا أكثر عدالة، في مجالات مثل الزواج، الطلاق، الحضانة والولاية، دون أن تخرج عن روح الشريعة الإسلامية.

وفي الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، نستحضر مسارًا ملكيًا أعاد للمرأة المغربية موقعها الطبيعي والمستحق، وفتح أمامها آفاقًا غير مسبوقة للتمكين والمشاركة. مسار لم يكتمل بعد، لكنه يمضي بثبات نحو مغرب الإنصاف والكرامة والمساواة.

بشرى عبدو.. 26 سنة من حكم محمد السادس: المرأة المغربية في قلب التحولات الكبرى

 

“حوار مع بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة ”

بمناسبة اقتراب الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد، أجرينا حوارًا خاصًا مع السيدة بشرى عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، للحديث عن واقع المرأة المغربية منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، وما تحقق من مكتسبات وما تبقى من تحديات. في هذا الحوار، ترصد عبدو التطورات التشريعية والمؤسساتية التي عرفها المغرب لصالح النساء، وتضع الأصبع على مكامن النقص وتطلعات الحركة النسائية في المرحلة المقبلة.

كيف تقرئين موقع المرأة المغربية بعد 26 سنة من حكم الملك محمد السادس؟

لا يمكن إلا أن نسجل بإيجابية أن المرأة المغربية عرفت تحولات عميقة منذ سنة 1999. لقد أولاها جلالة الملك محمد السادس عناية خاصة، وجعل من النهوض بوضعها إحدى أولوياته منذ اعتلائه العرش، وهذا تجلى في العديد من المبادرات التشريعية والمؤسساتية.

وماذا عن الترسانة القانونية؟ هل تمثل هذه القوانين فعلاً حماية كافية للنساء؟

شهد المغرب بالفعل زخماً قانونيًا مهمًا، فقد تم تعديل قانون الجنسية لتمكين المرأة من نقل جنسيتها لأبنائها، وكذا قانون العاملات والعمال المنزليين، واعتماد قانون الاتجار بالبشر، وقريبًا سيدخل قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ. كما أن هناك تطورًا مهمًا في ما يخص القانون الإداري المرتبط بالمرأة السلالية.

كل هذه النصوص تمثل مكاسب مهمة، لكنها ليست نهاية المطاف. فلا تزال هناك نقاط عالقة، خاصة في التطبيق، وفي غياب آليات المتابعة والتقييم، فضلاً عن استمرار بعض الفصول المجحفة في مدونة الأسرة.

ما تعليقكم على ورش تعديل مدونة الأسرة الذي أطلقه الملك؟

نعتبره خطوة حكيمة. والأهم أنه ورش مفتوح على المجتمع المدني، بما في ذلك الجمعيات النسائية التي قدمت مذكراتها ومقترحاتها. نحن ننتظر النسخة النهائية للقانون لنرى مدى استجابته لتطلعات النساء المغربيات، خصوصاً من حيث الحماية من العنف، التمييز، والاعتراف الكامل بالمكانة المتساوية للمرأة داخل الأسرة.

هناك أيضا سياسات عمومية تم إطلاقها، مثل “إكرام 1” و”إكرام 2″، هل كانت في المستوى؟

الاستراتيجيات الوطنية كانت مهمة، خصوصاً أنها جاءت لدعم تفعيل القوانين. وزارة العدل وقطاعات أخرى انخرطت في برامج تعزز المساواة. لكننا نحتاج اليوم لتقييم حقيقي لمخرجات هذه السياسات، لأن التنفيذ على المستوى الترابي لا يزال متفاوتًا.

تمثيلية النساء في مراكز القرار.. أين وصلنا؟

للأسف، لا يمكن الحديث عن المساواة بعد، فنسبة النساء لا تصل لا إلى الثلث ولا إلى النصف. الفصل 19 من الدستور واضح، ويجب أن نمر إلى التفعيل الحقيقي لمقتضيات المناصفة. هذا يتطلب إصلاح القوانين الانتخابية، وتحمّل الأحزاب لمسؤوليتها في الدفع بالنساء إلى الواجهة، ليس فقط كرموز انتخابية، بل كصانعات قرار داخل الأجهزة الحزبية.

وماذا عن مطالبكم الحالية كجمعية نسائية؟

في مقابل كل هذا، نحن من خلال جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، لا زلنا نناضل  من أجل اكتساب مزيد من الحقوق الى ان نصل الى الى المساواة الحقيقية والمناصفة. وهذه أبرز مطالبنا:

إقرار الولاية القانونية المشتركة بين الأبوين بعد الطلاق؛

المنع الكلي لتزويج الطفلات؛

منع تعدد الزوجات بشكل نهائي؛

الاعتراف بالخبرة الجينية في حالات الحمل خارج الزواج؛

تقاسم الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج بشكل عادل؛

تعديل قانون الشغل لحماية العاملات، وضمان المساواة في الأجور؛

محاربة التحرش الجنسي في الفضاء العام والرقمي بصرامة.

كلمة أخيرة؟

أقولها بكل وضوح: التنمية لا يمكن أن تتحقق بقدم واحدة. لا مستقبل لهذا الوطن من دون تمكين حقيقي للنساء، عبر قوانين عادلة، مؤسسات دامجة، ومجتمع يعترف بدور المرأة كشريك فعلي في كل المجالات.

حليم صلاح الدين ل”إعلام تيفي”: مدونة الأسرة محطة انتقالية والمرأة المغربية تخطّت النص القانوني

في الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، تعود قضية المرأة المغربية إلى الواجهة، ليس فقط من بوابة المكتسبات المحققة، بل أيضًا عبر الأسئلة الجديدة التي يطرحها الحراك المجتمعي. في هذا السياق، أجرينا حوارًا مع الباحث في العمل البرلماني والفاعل المدني، حليم صلاح الدين، الذي يقدّم قراءة تركيبية لوضعية المرأة قبل وبعد 2004، ويتحدث عن الحاجة الملحّة لتعديل مدونة الأسرة.

بداية، كيف ترصدون وضع المرأة المغربية قبل اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وما الذي تغيّر بعد ذلك؟

من دون مواربة، أقول إن ما عرفته المرأة المغربية خلال عهد جلالة الملك محمد السادس هو “ثورة هادئة”. صحيح أن البوادر الأولى لتحسين وضعية المرأة بدأت في السنوات الأخيرة من حكم الملك الراحل الحسن الثاني، خاصة مع مقولته الشهيرة: “النساء شقائق الرجال في الأحكام والحقوق وحتى في الوطنية”. لكن التحول الحقيقي جاء مع الجيل الجديد من الإصلاحات التي أطلقها الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش سنة 1999.

قبل هذه الحقبة، كانت المرأة تحت وصاية نصوص قانونية تعتبرها مواطنة من الدرجة الثانية، بدءًا من الولاية الإجبارية في الزواج، مرورًا بانفراد الزوج بحق الطلاق، ووصولًا إلى تعدد الزوجات الذي كان يتم دون علم الزوجة الأولى. كل ذلك تغيّر مع إطلاق ورش مدونة الأسرة، الذي انطلق بإشراف ملكي مباشر سنة 2001، وتم تتويجه بنص قانوني سنة 2004 مثّل آنذاك لحظة تاريخية بكل المقاييس.

هل كان لهذه المدونة أثر فعلي في تحسين وضع المرأة؟

دون شك. قانون 70.03 بمثابة مدونة الأسرة أنهى عهدًا طويلًا من الحيف القانوني. منح المرأة حقًّا مشتركًا في تدبير الأسرة، وقيّد التعدد، ووسّع دائرة الطلاق القضائي بدل الانفراد به. كما تم إحداث صندوق التكافل العائلي قبل صدور المدونة، في إشارة واضحة على الأثر العملي للإصلاحات.

هذا المسار يُحسب للملك محمد السادس، الذي لم يتردد في وصف لحظة المصادقة على المدونة بـ”اللحظة التاريخية”، داعيًا النواب والفاعلين إلى الارتقاء إلى مستوى هذا التحول.

لكن بعد 20 عامًا، هل لا تزال هذه المدونة تواكب التحولات المجتمعية؟

هذا هو السؤال الجوهري اليوم. لقد تغيّر المجتمع المغربي كثيرًا منذ 2004، سواء من حيث تمثل المواطنين للحقوق والحريات أو من حيث أدوار النساء داخل الأسرة والمجتمع. لذلك أقول: نعم، لقد تجاوزنا نص المدونة الحالي. أصبح من الضروري تحديثه، لا فقط لمجاراة التطورات الاجتماعية، بل أيضًا لترسيخ القيم الدستورية التي جاءت مع دستور 2011، وعلى رأسها المساواة والمناصفة.

ولعل ما يبعث على الاطمئنان هو أن الورش الملكي الجديد لتعديل المدونة يُدار بشكل تشاركي حقيقي، حيث استقبلت الهيئة المكلفة مختلف مكونات المجتمع المدني، بما فيها جمعيات نسائية، وأنا شخصيًا حظيت بشرف الإدلاء بمقترحاتي ضمن هذا المسار.

في تقديركم، ما أبرز المطالب المُلحّة التي ينبغي أن يتضمنها النص الجديد؟

هناك ملفات لا يمكن تأجيلها، على رأسها: المنع الكلي لتزويج القاصرات، إقرار الولاية القانونية المشتركة على الأبناء، تقييد تعدد الزوجات بشكل أكثر صرامة، ضمان العدالة في تقسيم الممتلكات بعد الطلاق، وإثبات النسب عبر الخبرة الجينية، إضافة إلى مراجعة قانون الشغل بما يحمي حقوق العاملات، والمساواة في الأجور، والتصدي للتحرش بكل أشكاله.

هل أنتم متفائلون بمخرجات هذا الورش؟

أنا متفائل بحذر. الثقة موجودة في الإرادة الملكية، وأيضًا في نضج جزء كبير من المجتمع. لكن التحدي يكمن في مدى تجرؤ التشريع الجديد على القطع مع بعض بقايا العقلية التقليدية، التي لم تعد تنسجم لا مع الواقع ولا مع تطلعات النساء المغربيات. الأهم أن يكون النص الجديد منصفًا، عادلًا، ومتقدّمًا، يليق بالقرن الحادي والعشرين، ويُشكّل أساسًا لمجتمع المساواة، كما نص عليه الفصل 19 من الدستور.

المرأة المغربية، في كلمة أخيرة..

المرأة المغربية ليست فقط ضحية منظومة قديمة، بل هي أيضًا فاعل أساسي في التغيير. والتنمية لا يمكن أن تمضي قدمًا إلا برجل وامرأة يسيران جنبًا إلى جنب. وقد آن الأوان لنُفعّل هذه القناعة في قوانيننا، مؤسساتنا، وثقافتنا.

لمراوي: عيد العرش مناسبة لاستقراء مسار المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس

إيمان أوكريش

يخلد الشعب المغربي، في كل سنة، مناسبة عيد العرش المجيد، التي تجسد معاني الوفاء والارتباط بين العرش العلوي والشعب المغربي، وهي لحظة وطنية نستحضر من خلالها ما تحقق من منجزات في عهد الملك محمد السادس، ونتطلع إلى آفاق أرحب من التنمية.

وأكد بلال لمراوي، الباحث في العلوم السياسية، أن المغرب عرف منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، انطلاقة متجددة لمسار تنموي شامل، تجسد من خلال إطلاق أوراش كبرى ذات وقع مباشر على الحياة اليومية للمواطنين.

وأوضح، في تصريح لـ”إعلام تيفي” أن البنية التحتية شهدت تطورا ملحوظا، من خلال بناء موانئ استراتيجية كميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة، وتوسيع شبكة الطرق السيارة والطرق السريعة، وإطلاق مشروع القطار فائق السرعة مع تمديد خطوطه ليشمل مدينة مراكش، وهو ما منح المغرب جاذبية متزايدة لدى المستثمرين ورفع من قدرته التنافسية إقليميا وقاريا.

وأضاف الباحث أن دعم الدولة للشباب من خلال برامج تمويل المشاريع والمقاولات الناشئة ساهم في إدماج فئة واسعة من الشباب في الدورة الاقتصادية، وامتصاص جزء من البطالة. كما ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

في إطلاق مشاريع نوعية تستهدف التنمية المستدامة.

وأشار لمراوي إلى أن ورش الحماية الاجتماعية يعتبر من أبرز الأوراش الهيكلية التي تم إطلاقها، ويعكس الإرادة الملكية في تعزيز العدالة الاجتماعية. فبفضل إعداد السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، أصبحت المساعدات والخدمات الاجتماعية أكثر استهدافا، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي.

 

ورش الحماية الاجتماعية يعتبر من أبرز الأوراش الهيكلية التي تم إطلاقها ويعكس الإرادة الملكية في تعزيز العدالة الاجتماعية

 

وفي ما يخص قطاع الصحة، أبرز أن المنظومة الصحية عرفت بدورها إصلاحات بنيوية، من خلال توسيع البنية التحتية الصحية وتدشين عدد من المستشفيات الجامعية والمراكز المتخصصة، بهدف تحقيق السيادة الصحية.

وعلى المستوى الصناعي، شدد لمراوي على أن المغرب تحول في عهد جلالة الملك إلى قطب صناعي موثوق، خاصة في مجالي صناعة السيارات والطيران، بفضل توفر رأسمال بشري مؤهل، مما جعل المملكة وجهة مفضلة لعدد من الاستثمارات العالمية.

واختتم الباحث تصريحه بالقول: “عيد العرش مناسبة لاستقراء مسار المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، هذا المسار الزاخز والماضي بخطوات متقدمة نحو تحقيق الإقلاع التنموي الشامل، عبر تنزيل الأهداف المسطرة للنموذج التنموي الجديد.”

نور الدين لـ”إعلام تيفي”: الرؤية الملكية جعلت من الأقاليم الجنوبية رافعة استراتيجية للتكامل الإفريقي

سلمى الحدادي

تُجدد ذكرى عيد العرش المجيد إشعاع المشروع الملكي الطموح الذي أعاد رسم ملامح الجنوب المغربي، مُحوِّلاً الأقاليم الجنوبية من منطقة نزاع مفتعل إلى فضاء تنموي واعد، ومنصة إقليمية وإفريقية للتنمية الاقتصادية والتكامل الجهوي.

ومنذ اعتلائه العرش، اختار جلالة الملك محمد السادس نصره الله مقاربة متقدمة في تدبير ملف الصحراء المغربية، قوامها تثبيت السيادة الوطنية عبر العمل الميداني، وربط الوحدة الترابية بالعدالة المجالية والتنمية الاقتصادية الشاملة.

بفضل الرؤية الملكية المتبصرة، أصبحت هذه الربوع ورشاً مفتوحاً للاستثمار المهيكل، ومختبراً حياً لنموذج تنموي جديد، يُرسّخ الصحراء المغربية كجسر استراتيجي بين شمال القارة وجنوبها، وكنقطة ارتكاز أساسية في تفعيل سياسة التعاون جنوب–جنوب.

إن السياسة الملكية الحكيمة جسّدت تحولاً عميقاً في التعاطي مع ملف الصحراء، من منطق التدبير الدفاعي إلى منطق المبادرة التنموية والريادة الإقليمية، ضمن رؤية شاملة توفق بين تثبيت السيادة الوطنية، وتعزيز الانخراط الإفريقي، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي في ربوع الصحراء المغربية.

وفي هذا الصدد، قال أحمد نور الدين، خبير في العلاقات الدولية في تصريح خاص لـ”إعلام تيفي”، إن جلالة الملك محمد السادس، وخلال 26 سنة من حكمه، “استطاع أن يُحدث نقلة نوعية في تدبير ملف الصحراء، بالانتقال من منطق التدبير الروتيني إلى منطق المبادرة الخلاقة، خاصة على المستوى الاقتصادي”، مؤكداً أن “الملك نجح في تحويل هذا النزاع، الذي سعت الجزائر إلى جعله عقبة، إلى رافعة للتنمية ومحرك للاقتصاد الوطني والإفريقي”.

جلالة الملك محمد السادس، وخلال 26 سنة من حكمه، “استطاع أن يُحدث نقلة نوعية في تدبير ملف الصحراء، بالانتقال من منطق التدبير الروتيني إلى منطق المبادرة الخلاقة

وأبرز نور الدين أن هذا التحول ارتكز على ركيزتين أساسيتين: دبلوماسية سياسية نشيطة، ونموذج تنموي غير مسبوق في الأقاليم الجنوبية، انطلقت ثماره من الداخل لتمتد إلى العمق الإفريقي. ومن بين أبرز معالم هذا النموذج، الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي الضخم، إضافة إلى شبكة مطارات وموانئ دولية، ومشاريع في الطاقات المتجددة والفوسفات والصيد البحري.

كما أشار الخبير إلى أن “جلالة الملك أعاد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، من خلال مبادرات استراتيجية كأنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، ومشروع ربط الدول الحبيسة في الساحل والصحراء بالموانئ الأطلسية، وتحالف الدول الأطلسية الذي يحتضن المغرب كتابته الدائمة”.

وختم أحمد نور الدين تصريحه قائلاً: “ما نشهده اليوم هو تحوّل جذري في موقع الصحراء المغربية، من منطقة نزاع أراد لها الخصوم أن تكون نقطة توتر، إلى منطقة إشعاع اقتصادي واستراتيجي، تربط المغرب بإفريقيا والعالم، وتُجسد فعلياً مبدأ ‘تنمية بشرية بعد تثبيت السيادة’”.

بوشمامة لـ”إعلام تيفي”: جلالة الملك أعاد تموقع الصحراء وربط المغرب بعمقه الإفريقي

 

في ظل الاحتفال بعيد العرش المجيد، تتعزز ملامح المشروع الملكي الرائد في الأقاليم الجنوبية، الذي تجاوز البعد الوطني ليُعيد تموقع الصحراء المغربية ضمن سياقاتها التاريخية والاستراتيجية، ويجعل منها رافعة محورية في مسار التكامل الإفريقي والانفتاح الجيو-اقتصادي.

وفي هذا الصدد، قال لحسن بوشمامة، الكاتب المتخصص في الشأن السياسي، في تصريح لـ”إعلام تيفي”، إن اهتمام جلالة الملك محمد السادس بالصحراء المغربية تجاوز منطق الارتباط الجغرافي أو الترابي، ليتحول إلى خيار استراتيجي يقوم على جعل الجنوب منصة ربط اقتصادي وإنساني بين المملكة وعمقها الإفريقي.

وأوضح بوشمامة أن الرؤية الملكية اقتضت تطوير البنيات التحتية وتأهيل الوسائل اللوجستية بمعايير عالمية، وهو ما تُرجم ميدانيًا من خلال مشاريع ضخمة مثل الطريق السريع تزنيت–الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي، إلى جانب توفير الطاقة والماء الصالح للشرب، وإنشاء وحدات التصنيع الغذائي، في أفق جعل الأقاليم الجنوبية قاعدة إنتاج وخدمات تربط المغرب بالساحل والصحراء وغرب إفريقيا.

إن اهتمام جلالة الملك محمد السادس بالصحراء المغربية تجاوز منطق الارتباط الجغرافي أو الترابي، ليتحول إلى خيار استراتيجي.

وعلى الصعيد القاري، أشار المتحدث إلى أن بُعد النظر الملكي تجسّد في مبادرتين محوريتين: مشروع أنبوب الغاز النيجيري–المغربي، ومبادرة الأطلسي لربط الدول الحبيسة بالمحيط الأطلسي، مبرزًا أن هذين المشروعين “سيغيران معالم الاقتصاد الإفريقي، وسيساهمان في تنمية الدول المجاورة للمغرب انطلاقًا من أقاليمه الجنوبية”.

وأضاف بوشمامة أن الصحراء المغربية، بفضل الرؤية الملكية، استعادت دورها التاريخي كممر حيوي للتجارة والمبادلات جنوب–جنوب، مما جعلها تحظى باهتمام دولي متزايد، وأكسب المملكة ثقة القوى العالمية، التي سارعت إلى دعم سيادتها على أقاليمها الجنوبية، وفتح شراكات استراتيجية واعدة مع المغرب في أفق الاستثمار في إفريقيا.

وختم تصريحه بالقول: “جلالة الملك لم يكتف بإعادة الصحراء إلى موقعها الطبيعي داخل الوطن، بل فتح أمامها آفاقًا تنموية واعدة، جعلت منها منصة جيو-اقتصادية إفريقية، تستقطب الاحترام الدولي وتحفز مشاريع الاندماج القاري”.

في ظل خطوات ملكية ثابتة وواثقة، يسيبقى المغرب على دروب التنمية والإصلاح لتحقيق رهاناته الكبرى: إصلاح التعليم، التغطية الصحية الشاملة، التحول الرقمي، الاقتصاد الأخضر، وتطوير النموذج التنموي الجديد. كل ذلك ضمن رؤية ملكية طموحة تجعل من المغرب مركزًا إقليميًا للسلام والتعاون والتقدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى