50 سنة من التنمية.. الأقاليم الجنوبية نموذج الاستثمار والتطور المستدام (ملف)

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

بعد مرور خمسين سنة، أي نصف قرن كامل، ما تزال المسيرة الخضراء حدثا استثنائيا يختزن في عمق الذاكرة المغربية كل معاني الإجماع الوطني والذكاء السياسي، لحظة فارقة استطاع فيها المغاربة، بقيادة الملك الراحل الحسن الثاني، أن يثبتوا للعالم أن استرجاع الحقوق يمكن أن يتحقق بإيمان جماعي وسلمية حضارية نادرة.

واليوم، وبعد نصف قرن على هذا الحدث المفصلي، تبرز الأقاليم الجنوبية كدليل حي على استمرار روح المسيرة، فمن العيون إلى الداخلة، تحولت الصحراء المغربية إلى ورش تنموي مفتوح، بمشاريع كبرى تجعل منها قطبا اقتصاديا صاعدا ونموذجا في الاستقرار والتطور على مستوى القارة الإفريقية.

SNRT News | بفضل الرعاية الملكية .. مشاريع تنمية الأقاليم الجنوبية تتحقق على أرض الواقع
ساحة أم السعد بمدينة العيون

وشهدت الأقاليم الجنوبية منذ الاستقلال مسلسلا متواصلا من المشاريع التنموية التي همت قطاعات استراتيجية، بدءا من تحديث البنية التحتية وتطوير الشبكات الطرقية التي انتقلت من أقل من 70 كيلومترا إلى أكثر من 4,000 كيلومتر، وصولا إلى إنجاز الطريق السريع تيزنيت–الداخلة على طول يفوق 1,050 كيلومترا.

كما عرفت المنطقة بناء سدود جديدة وتطوير موانئ كبرى مثل ميناء العيون وميناء أمهيريز، إلى جانب مشروع ميناء الداخلة الأطلسي الذي بلغت نسبة أشغاله 20 بالمئة وارتفعت ميزانيته إلى 13 مليار درهم، ما يعكس حجم الاستثمارات الموجهة لتعزيز الربط البحري والبري.

التنمية الاقتصادية في الصحراء المغربية: مشاريع استراتيجية نحو المستقبل | Ahame Elakhbar | أهم الأخبار
صورة من الويب

وفي مجال الطاقة، عرفت الأقاليم الجنوبية طفرة مهمة، إذ تحولت من منطقة تفتقر إلى التزويد الكهربائي إلى قطب يحتضن محطات طاقية كبرى تتراوح قدرتها بين 50 و800 ميغاوات، إضافة إلى مشاريع للطاقات المتجددة تشمل حقولا ريحية أبرزها مشروع “هرمتان” بكلفة 2.5 مليار دولار.

وعرفت المنطقة توسعا في الاستثمارات الأجنبية والمحلية بفضل منصات اقتصادية مثل “العيون كونيكت” و”الداخلة كونيكت”، مع اهتمام متزايد من مستثمرين أمريكيين وصينيين وإسبان، فضلا عن مشاريع مستقبلية في صناعة البطاريات الكهربائية.

على المستوى السوسيو–اقتصادي، عرفت المدن الجنوبية إطلاق مشاريع اجتماعية ورياضية وخدماتية، من بينها تدشين ملاعب القرب في الداخلة، وتوسيع شارع الولاء بكلفة تناهز 282 مليون درهم، بالإضافة إلى إطلاق مشروع مركب الأميرة لالة مريم للتأهيل الاجتماعي بكلميم.

كما حقق القطاع الفلاحي نقلة نوعية بفضل اللجوء إلى تحلية مياه البحر بتكلفة منخفضة لا تتجاوز 2.40 درهم للمتر المكعب، مع دعم حكومي بنصف التكلفة، ما ساهم في خلق مناطق زراعية جديدة ودعم الأمن الغذائي المحلي. مجموعة هذه المشاريع جعلت من الجنوب المغربي ورشًا مستمرا للتنمية، ومؤهلا ليكون قطبا اقتصاديا واعدا على الصعيدين الوطني والإفريقي.

الأقاليم الجنوبية… مسار تنموي جعل الصحراء رافعة اقتصادية للمغرب

في سياق الحديث عن التحولات العميقة التي شهدتها الأقاليم الجنوبية، يبرز الخبير رشيد ساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، كمصدر أساسي لفهم الأبعاد الحقيقية لهذا المسار التنموي من اجل تسليط الضوء على أهم المؤشرات التي تعكس حجم النقلة النوعية التي عرفتها المنطقة خلال العقود الأخيرة.

الأقاليم الجنوبية في المغرب.. قاطرة التنمية تنطلق
جلالة الملك خلال زيارته لمدينة العيون سنة 2015
وأكد الخبير، أن الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية تعيش اليوم نهضة تنموية غير مسبوقة، انطلقت بشكل فعلي منذ استرجاع المنطقة سنة 1975، وترسخت بقوة مع النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء.

هذا التحول، بحسب ساري، لم يكن مجرد تحسين للخدمات أو بناء بعض المشاريع، بل كان تغييرا جذريا في البنية الاقتصادية والاجتماعية، جعل من الصحراء المغربية قطبا صاعدا على المستويين الوطني والإفريقي.

1975 | المسيرة الخضراء 2025 | الصحراء خضراء #المغرب #المملكة_المغربية #المسيرة_الخضراء #العيون #الداخلة #الساقية_الحمراء #الكويرة #الصحراء_المغربية مضيق #maroc #morocco
صورة تكشف حجم الاختلاف في البنية التحتية للمناطق الجنوبية

يشير ساري إلى أن الصحراء المغربية كانت تعاني سنة 1975 من غياب شبه كامل للبنيات الأساسية، إذ لم تتجاوز الطرق المعبدة 70 كيلومترا اليوم، تحولت الجهة إلى منطقة ذات ربط متكامل، بشبكة طرقية تبلغ أكثر من 4,000 كيلومتر، منها 1,055 كيلومترا من الطرق السريعة التي تربط العيون والداخلة بباقي جهات البلاد.

كما تم إنشاء مطارين دوليين في العيون والداخلة يستقبلان رحلات من أوروبا والخليج، إضافة إلى إطلاق ورش ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعد من أكبر المشاريع البحرية في إفريقيا باستثمار يفوق 12 مليار درهم، وسيشكل نقطة تحول في الربط الأطلسي نحو دول الساحل.

منذ إطلاق النموذج التنموي سنة 2015، تجاوزت الاستثمارات العمومية بالأقاليم الجنوبية 77 مليار درهم، وفق ساري ويعد قطاع الصيد البحري العمود الفقري للاقتصاد المحلي، حيث تنتج هذه الأقاليم أكثر من 60% من الصيد الوطني وتضم أزيد من 100 وحدة صناعية.

رشيد ساري :

“الأقاليم الجنوبية انتقلت من منطقة معزولة ببنية تحتية محدودة إلى قطب تنموي متكامل يمتلك اليوم أهم المشاريع الإستراتيجية بالمملكة، وفي مقدمتها ميناء الداخلة الأطلسي”.

وفي قطاع الطاقات المتجددة، أصبحت المنطقة حاضنة لمشاريع تتجاوز طاقتها 1,000 ميغاواط من الطاقة الشمسية والريحية، مما يعزز موقعها كمركز للطاقة النظيفة كما تعرف السياحة البيئية والرياضية نموا متسارعا، وخاصة بمدينة الداخلة التي أصبحت وجهة عالمية لرياضة الكايت سورف، وجلبت استثمارات دولية في الخدمات الفندقية والأنشطة البحرية.

الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير - الأنباء جورنال
المستشفى الجامعي العيون
التحاق 96 ألف مغربي بمجموع العاطلين بالمغرب.. الخبير الاقتصادي رشيد ساري يبرز أوجه فشل حكومة أخنوش في مجال التشغيل - شفاف
رشيد ساري رئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة

على المستوى الاجتماعي، يؤكد ساري أن الأقاليم الجنوبية استفادت من نهضة حقيقية في التعليم والصحة فقد تم بناء أكثر من 20 مستشفى ومركز صحي، من بينها مستشفى جهوي حديث بالعيون بطاقة استيعابية تتجاوز 250 سريرا.

وفي مجال التعليم، تجاوزت نسبة التمدرس في الابتدائي 98%، مع إنشاء مؤسسات جامعية جديدة ومراكز تكوين مهني تستجيب لحاجيات المصانع والموانئ. كما استفاد أكثر من 10,000 شاب من مشاريع مدرة للدخل عبر برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ويرى ساري أن أهمية الأقاليم الجنوبية تتجاوز بعدها الوطني، إذ أصبحت اليوم منصة استراتيجية للتعاون الاقتصادي مع إفريقيا فبفضل موقعها ودينامية مشاريعها، تستقبل الجهة منتديات دولية وتعمل على تعزيز الربط التجاري مع دول الساحل والصحراء ويعيد هذا التموقع تأكيد الدور الريادي للمغرب كجسر اقتصادي وثقافي يربط أوروبا بأفريقيا.

الاستثمارت في المناطق الجنوبية (ميناء الداخلة الأطلسي نموذجا)

ويعد ميناء الداخلة الأطلسي أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية في الأقاليم الجنوبية، وهو ورش ضخم يعزز مكانة المغرب وطنيا وقاريا فالميناء يشكل ركيزة لتنمية الجهة عبر دعم قطاعات الصيد البحري واللوجستيك والصناعة، ويمنح المملكة منفذا جديدا يرفع تنافسيتها في التجارة البحرية.

ميناء الداخلة الأطلسي، دعامة استراتيجية لتحفيز التعاون الاقتصادي جنوب-جنوب (خبراء) - Maroc 24وعلى المستوى الإفريقي، يكتسي المشروع أهمية خاصة باعتباره بوابة نحو دول غرب إفريقيا والساحل، وخاصة الدول غير الساحلية مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ما يجعله عقدة لوجستية تربط القارة بالمحيط الأطلسي وتعزز التعاون الاقتصادي جنوب–جنوب، ليصبح محورا رئيسيا في الاستراتيجية المغربية للانفتاح على عمقها الإفريقي.

ولفهم الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع، تواصلنا مع الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق الذي أكد أن ميناء الداخلة الأطلسي يشكل حجر الزاوية في ربط المغرب بعمقه الإفريقي وفتح آفاق جديدة للتجارة والاستثمار.

وأكد الخبير أن ميناء الداخلة الأطلسي يشكل أحد أبرز المشاريع الملكية ذات البعد الإستراتيجي، والتي تجسد الإرادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة مركزا للنمو والاندماج القاري.
بدر الزاهر الأزرق، خبير اقتصادي وأستاذ قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء
بدر الزاهر الأزرق، خبير اقتصادي وأستاذ قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

وأوضح الأزرق ل”إعلام تيفي” أن المشروع يندرج ضمن الإستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق 2030، والتي تروم إنشاء موانئ من الجيل الرابع على شاكلة طنجة المتوسط، من خلال مركبات مينائية متكاملة ذات وظائف تجارية، صناعية، ولوجستيكية، قادرة على جذب الاستثمارات وخلق دينامية اقتصادية محلية وجهوية.

وكشف المتحدث أن ميناء الداخلة ليس مجرد بنية تحتية محلية، بل هو منارة لوجستيكية إفريقية ستربط دول الساحل الإفريقي المحصورة جغرافيا بالمحيط الأطلسي، مما سيمنحها منفذا مباشرا نحو الأسواق العالمية.
بدر الزاهر الأزرق
“نحن لا نبني ميناء فقط، بل نؤسس لدينامية تنموية متكاملة تشمل الطرق السيارة، والنقل السككي والجوي، والمناطق الصناعية الحرة”.
وفي قراءته لأهمية المشروع في الإطار القاري، شدد الأزرق على أن المغرب، من خلال ميناء الداخلة ومشاريع أخرى كأنبوب الغاز المغرب–نيجيريا والطريق السريع تزنيت–الداخلة، يؤسس لتكامل تنموي حقيقي بين المملكة والدول الإفريقية.
وقال: “المغرب منخرط بواقعية في تطوير بنية تحتية ذات بعد قاري، هدفها ليس فقط الربح التجاري، بل تحقيق تنمية بشرية واقتصادية تقطع الطريق أمام الفقر، والتهميش، والتطرف”.
تفاصيل إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي .. مشروع ضخم بكلفة تقترب من 12 مليار درهم
وأشار الخبير إلى أن المشروع سيعزز من تموقع المغرب ضمن الممرات التجارية العالمية الكبرى، من المحيط الأطلسي نحو أوروبا، إفريقيا الغربية، وأمريكا اللاتينية، مؤكدا أن هذا التموقع ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج لتوجيهات ملكية منذ بداية الألفية، جعلت من المملكة فاعلاً محورياً في التجارة والطاقة والربط اللوجستي.
وأبرز الأزرق الدور الذي يقوم به المغرب في تكوين وتأهيل الكفاءات الإفريقية، وتقوية البنية التحتية بدول الجوار، وإنشاء وحدات صناعية وفلاحية بها، في إطار تعاون جنوب–جنوب فعّال وحقيقي، مشددًا أن ميناء الداخلة الأطلسي سيكون أحد أعمدة هذا المشروع التنموي المتكامل.
وقال المتحدث: “ما نطمح إليه ليس فقط تشغيل رافعات مرفئية، بل رفع اقتصاديات دول وشعوب بأكملها عبر بوابة الداخلة، في التزام مغربي راسخ من أجل قارة قوية وآمنة ومتكاملة”.

تحفيزات قوية للمستثمرين تعزز دينامية الجنوب المغربي

أكد المحلل الاقتصادي خالد أشيبان أن ميثاق الاستثمار جاء بتحفيزات كبيرة لدعم المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، بما يشمل كامل التراب المغربي والمناطق الصحراوية.

خالد أشيبان المحلل الاقتصادي

وأوضح ل”إعلام تيفي” أن المشاريع التي تقدم بدعم من الدولة تستفيد من إعفاءات على مجموعة من الرسوم والضرائب، ما يشجع على ضخ استثمارات مهمة ويسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أن هناك منح تمنح حسب قيمة المشاريع وطبيعتها، حيث يمكن للمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي العمل وفق نفس الآليات المتاحة للمشاريع العادية، وهو ما يعتبر أمرا إيجابيا بالنسبة لجذب الاستثمارات الكبيرة.

ومع ذلك، لاحظ أشيبان وجود بعض التحديات والملاحظات، مثل وجود مستثمرين معقدة ملفاتهم، تضارب في الاختصاصات بين القطاعات، وغموض في بعض المستثمرين، لكنه شدد على أن المجهودات كبيرة جدا ولا يمكن إنكارها، إذ أن الدولة تقوم بتسهيلات مهمة من خلال تهيئة المناطق الجنوبية وتوفير بنية تحتية قوية.

خالد أشيبان:
“الميثاق الاستثمار جاء بتحفيزات كبيرة لدعم المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، بما يشمل كامل التراب المغربي والمناطق الصحراوية، مع إعفاءات على مجموعة من الرسوم والضرائب، وهذا المجهود يعطي أكله بالفعل.”

وأشار أشيبان إلى أن هذه الدينامية تؤكد وجود مجهود عمومي كبير لاستقطاب المستثمرين وتنفيذ مشاريع تنموية مستمرة، معتبرا أن الدعم المقدم، والبنية التحتية المحسنة، والمناخ الاستثماري المشجع، جميعها عناصر تجعل الأقاليم الجنوبية نموذجا جاذبا للاستثمار ويعزز موقع المغرب في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة.

السياحة بدورها أخذت حقها من التنمية في المغرب، لتصبح محركا رئيسيا للنمو الاقتصادي في مختلف الجهات، خاصة في الأقاليم الجنوبية، فمع تطوير البنية التحتية، وتحفيز المستثمرين المحليين والأجانب، وتهيئة مناطق مثل الداخلة وكلميم – واد نون والعيون – الساقية الحمراء، تمكن القطاع من الاستفادة من فرص ضخمة للإقامة، الرياضات البحرية، الرحلات الصحراوية، والمهرجانات الثقافية، ما ساهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الدخل المحلي، وتعزيز الجاذبية الاقتصادية لهذه المناطق على الصعيد الوطني والدولي.

ومن أجل فهم وضعية السياحة في الأقاليم الجنوبية ودور الدولة في جذب الاستثمار السياحي إليها، طرحنا سؤالا على الخبير في السياحة الزوبير بوحوث حول الكيفية التي تسهم بها السياسات العمومية في تعزيز جاذبية الجنوب، ومدى تأثير الاستثمارات القائمة على تنمية القطاع السياحي وفتح آفاق جديدة أمامه.

الخبير في السياحة الزوبير بوحوث

وأكد الخبير بخصوص هذا الأمر  أن المغرب يشهد اليوم فرصا حقيقية للاستثمار السياحي، مشددا على أهمية دعم الدولة للمستثمرين، خصوصا من خلال آليات تمويلية تشجع المشاريع الجديدة موضحا ل”إعلام تيفي” أن الدولة تقدم دعما يصل إلى 30% من قيمة الاستثمار حيث يمكن لمستثمر يقدم 10 ملايين درهم أن يستفيد من دعم حكومي يصل إلى 30 مليون درهم، شرط احترام شروط الدعم المعلن عنها.

وأشار بوحوث إلى أن هذه الفرص تنطبق بشكل خاص على القطاعات السياحية التي تمتلك إمكانية النمو الكبير، مؤكدا أن المناطق الثلاث المستهدفة تحتوي على مشاريع مقترحة بمبالغ تتراوح بين مليون درهم و10 ملايين درهم، ما يجعلها بيئة خصبة للاستثمار.

وأوضح أن بنك المشاريع السياحية والمؤسسات المالية الأخرى تلعب دورا محوريا في تقديم القروض، حيث يمكن أن تصل فوائد القروض على مدى 10 إلى 12 سنة إلى أكثر من 25 مليون درهم، دون أن تتحمل المؤسسة هذه الفوائد بشكل مباشر، ما يضمن استمرارية المشاريع.

سياح يفضلون قضاء ليلة رأس السنة في صحاري المغرب - زنقة 20
سياح يفضلون قضاء ليلة رأس السنة في صحاري المغرب 2023

وأضاف بوحوث أن الاستثمار في هذه المناطق لا يقتصر على المال فحسب، بل يشمل أيضا الدعم الفكري والإرشادي، حيث يتم تزويد المستثمرين بأفكار ومشاريع جاهزة يمكنهم تطويرها بما يتناسب مع إمكانياتهم مؤكدا أن المكاتب الدراسية، والمجالس المالية، والمؤسسات الداعمة للاستثمار تلعب دورا تكميليا في هذا المجال.

وأشار إلى أن المناطق المستهدفة، حيث يلتقي المحيط الأطلسي برمال الصحراء وثقافة الحسانية، تعتبر مساحات حصبة يمكن تطويرها لتصبح وحدات إنتاجية وسياحية متكاملة، ما يسهم في تنمية الثروة المحلية وخلق فرص عمل، ويزيد من الرواج التجاري والاقتصادي في المنطقة.

وأشار الخبير إلى أن الاستثمار السياحي في المغرب يمثل سلسلة قيمة متكاملة تشمل المرافق السياحية، الوكالات، المطاعم، المرشدين والفعاليات، موضحا أن كل منطقة يمكن أن تحقق نتائج مهمة إذا ما تم توجيهها بشكل مستمر واستراتيجي، تماما كما حصل في مدن كبرى مثل مراكش والدار البيضاء.

جنوب المغرب: رحلة لاكتشاف تقاليد ومناطق صحراوية سياحية بامتياز | المكتب الوطني المغربي للسياحة

الزوبير بوحوث:
“الداخلة ليست مجرد وجهة سياحية؛ إنها تجربة حياة ومختبر طبيعي للاستدامة، تجمع فيها الجمال الطبيعي الخالص والثقافة الأصيلة لتشكل إحدى أهم الفرص الاستثمارية في السياحة بالمغرب.”

ويشكل الجنوب المغربي، ممثلا في جهات الداخلة، كلميم – واد نون، والعيون – الساقية الحمراء، فضاء سياحيا واستثماريا واعدا يجمع بين البحر والصحراء والثقافة الأصيلة وتعرف الداخلة برياضات الكيت سيرف والويند سيرف عند لاجون “رأس الذهب”، وتتيح الصحراء القريبة رحلات سفاري وجولات بالجمال، بينما يثري المتنزه الوطني البيئة الطبيعية بآلاف الطيور المهاجرة والمياه الغنية بالأسماك.

جنوب المغرب: رحلة لاكتشاف تقاليد ومناطق صحراوية سياحية بامتياز | المكتب الوطني المغربي للسياحة
أنشطة ترفيهية في مدن الجنوب

سياحة المغرب العلاجية… رمال ساخنة ومياه معدنية | وينك

Private Sahara desert tour from Marrakech

 

أما كلميم – واد نون، فتجمع الشواطئ البرية والكثبان الصحراوية والواحات الخضراء، مدعومة بمطار حديث وشبكة طرقية محسنة، ما يسهل تطوير الإيكولودجات والفنادق الفاخرة، والمدارس الرياضية والرحلات المتكاملة بين الصحراء والشاطئ، فضلا عن المراكز الثقافية والمهرجانات التراثية.

مدينة الداخلة المغربية ومشاريعها الكبرى بعيون فرنسية - Attasiaa التاســــعة
مشروع سياحي بمدينة الداخلة

 

وتقدم جهة العيون – الساقية الحمراء واجهة أطلسية بطول أكثر من 600 كيلومتر، وشريط ساحلي خلاب، ومناطق صحراوية متميزة، ما يجعلها أرضا خصبة للمنتجعات الساحلية، السياحة البيئية، والمغامرات الصحراوية، إضافة إلى السياحة الثقافية والتراثية والمهرجانات الموسيقية.

 

العيون.. بوابة الصحراء للاستثمار والمنتديات القارية

في مدينة العيون، عاصمة الجنوب، تشهد الساحة التنموية تنظيم منتديات وندوات قارية ومحلية ينطلق منها توجه جاد نحو تعزيز مكانتها كمركز فكري وتنموي في جنوب المملكة.

في أبريل 2025، احتضنت المدينة أول منتدى دولي تحت عنوان «الجهوية والفرص التنموية – نموذج جهة العيون – الساقية الحمراء» بمشاركة باحثين وأكاديميين مغاربة وأجانب، حيث تم استعراض تجارب التنمية الإقليمية ومقارنة نماذج الحكامة الجهوية.

كما استضافت العيون مؤتمرات متخصصة، منها منتدى في نوفمبر 2022 بعنوان «الحق في المدينة: مدينة مستدامة وشاملة» برعاية اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، إذ ناقش المشاركون قضايا التعمير والمشاركة المجتمعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الفضاءات الحضرية.

انطلاق منتدى عالمي بمدينة العيون
فعاليات النسخة الثالثة من منتدى العيون الدولي للزراعة البيوسالينية والزراعة في الأراضي القاحلة

 

العيون.. انطلاق فعاليات منتدى الأعمال العيون • هنا الصحراء
منتدى الأعمال العيون

وتأتي هذه الأنشطة في سياق تطور بنية تحتية مكثفة ودعم حكومي لجهة الجنوب، ما يجعل من تنظيم مثل هذه المنتديات ليس مجرد طقوس رمزية، بل عامل جذب لمحطات فكرية واستثمارية موجهة نحو إبراز الجهة كبوابة للتعاون جنوب–جنوب، ودعم برامج التنمية المتكاملة.

وفي حوار سابق مع فاطمة سيدة، النائبة البرلمانية عن جهة العيون الساقية الحمراء ورئيسة المجلس الترابي لأمكالة بإقليم السمارة، أكدت أن الأقاليم الجنوبية، وعلى رأسها مدينة العيون، تشكل اليوم نموذجا حيا للتنمية الشاملة التي تعكس بجلاء مغربية الصحراء، مشددة على أن ما تحقق من إنجازات عمرانية ومؤسساتية واقتصادية هو الرد الحقيقي والملموس على كل الإدعاءات الزائفة.

فاطمة سيدة، النائبة البرلمانية عن جهة العيون الساقية الحمراء ورئيسة المجلس الترابي لأمكالة بإقليم السمارة
فاطمة سيدة، النائبة البرلمانية عن جهة العيون الساقية الحمراء ورئيسة المجلس الترابي لأمكالة بإقليم السمارة

وأوضحت سيدة ل”إعلام تيفي” على هامش الندوة الوطنية المنظمة بمدينة العيون، أن مدينة العيون اليوم هي كبرى حواضر الصحراء المغربية، والمرآة الحقيقية التي تعكس مظاهر التنمية في جميع المستويات، من بنية تحتية متقدمة تشمل الطرق والموانئ والمطارات، إلى مؤسسات تعليمية عالية المستوى ومعاهد وجامعات كبرى، وكلها تمثل تجسيدا فعليا للرؤية التنموية التي قادتها الدولة المغربية في هذه الربوع.

وأبرزت سيدة أن هذه الدينامية التنموية المتقدمة لم تأت من فراغ، بل هي ثمرة مجهودات كبيرة بذلتها الدولة بتوجيهات ملكية، لتمكين الساكنة المحلية من الاندماج الكامل في المشروع التنموي الوطني، وترسيخ الاستقرار والكرامة.

فاطمة كركوب، رئيسة جمعية الطموح للنساء المقاولات

وفي نفس السياق أشادت فاطمة كركوب، رئيسة جمعية الطموح للنساء المقاولات، بالبنية التحتية المتطورة التي أصبحت تتميز بها مدينة العيون، مؤكدة أن الجهة باتت تنافس كبريات المدن الإفريقية، وتشكل اليوم وجهة واعدة للاستقطاب الاقتصادي والاستثمار الدولي، بفضل المشاريع الكبرى والدعم المؤسساتي الذي تحظى به من الدولة.

وأوضحت ل”إعلام تيفي”على هامش المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب ومجموعة دول CEMAC،  أن حضور النساء المقاولات في هذا اللقاء القاري هو بمثابة تشريف واعتراف بالدور الريادي للمرأة الصحراوية، التي أضحت تواكب التحولات الاقتصادية وتلعب دورا فعالا في بناء شراكات اقتصادية جنوب–جنوب.

جمعية الطموح للنساء المقاولات بالمغرب
مجموعة من النساء الصحراويات المقاولات على هامش المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب ومجموعة دول CEMAC

وكشفت رئيسة الجمعية أن هذا المنتدى يمثل فرصة كبيرة لتحفيز المقاولات النسائية المحلية على الانخراط الفعلي في مجال الاستثمار، من خلال اللقاءات الثنائية وتوقيع اتفاقيات الشراكة مع فاعلين من إفريقيا الوسطى، مؤكدة أن المرأة في الأقاليم الجنوبية ليست فقط حاضرة رمزيا، بل تساهم ميدانيا في المشاريع الاقتصادية.

ونوهت بالدور الكبير الذي تقوم به الجهات المنتخبة، وعلى رأسها رئيس جهة العيون الساقية الحمراء السيد حمدي ولد الرشيد، في دعم المقاولات النسائية وتعزيز فرص ولوج النساء لعالم ريادة الأعمال.

وشددت المتحدثة على أن تمكين المرأة الصحراوية اقتصاديا هو جزء لا يتجزأ من المشروع التنموي الشامل الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية، داعية إلى مواصلة دعم المبادرات النسائية وتعزيز حضور النساء في المنتديات الاقتصادية الإفريقية.

وفي يونيو من السنة الجارية، استقبلت مدينة العيون المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي سماك 20، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكانت فرصة للإطلاع على مجموعة من المشاريع التي تشهدها المدينة.

قام محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، بمعية إيفاريست نغامانا، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (سيماك)، بزيارة تفقدية لمنشأة فوسبوكراع بمدينة العيون، رفقة عدد من البرلمانيين الأفارقة وأعضاء مجلس المستشارين المغربي.

عيون إفريقية تتفقد منشأة فوسبوكراع كمعلمة اقتصادية بأبعاد اجتماعية وبيئية
محمد ولد الرشيد رئيس مجلس المستشارين، بمعية إيفاريست نغامانا، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (سيماك)، خلال زيارة تفقدية لمنشأة فوسبوكراع بمدينة العيون

وقد اطلع الوفد خلال هذه الزيارة على الدور الاقتصادي والاجتماعي الكبير الذي تضطلع به المنشأة، حيث يتم استثمار 90 في المائة من عائداتها المالية في مشاريع محلية تهم التعليم والسكن والتشغيل، بغلاف مالي يبلغ 1.8 مليار دولار ما بين 2011 و2026.

عيون إفريقية تتفقد منشأة فوسبوكراع كمعلمة اقتصادية بأبعاد اجتماعية وبيئية

عيون إفريقية تتفقد منشأة فوسبوكراع كمعلمة اقتصادية بأبعاد اجتماعية وبيئية

كما تعتبر فوسبوكراع أكبر مشغل خاص بالمنطقة بما يفوق 54 ألف فرصة عمل، 80 في المائة منها مخصصة لأبناء الأقاليم الجنوبية، فضلا عن برامج اجتماعية متنوعة لفائدة النساء والأطفال والشباب.

وقد أبرز مسؤولو المنشأة للوفد الإفريقي الأبعاد البيئية والتنموية للمؤسسة، التي تعتمد اليوم على الطاقة الريحية وتحلية المياه في إطار التزامها بالإنتاج النظيف والتنمية المستدامة كما تفقد الوفد عددا من المشاريع السكنية والبنيات الأكاديمية والثقافية بالعيون.

وأشاد بما وصفوه بالطفرة التنموية الشاملة التي تشهدها المدينة، معتبرين العيون حاضرة إفريقية صاعدة تجسد نجاح النموذج المغربي في ربط الاقتصاد بالبعد الاجتماعي والبيئي في الأقاليم الجنوبية.

العيون تبهر الوفود الإفريقية بنموذجها التنموي المتكامل

عبر عدد من البرلمانيين والوفود الإفريقية المشاركين في المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب ومجموعة السيماك عن انبهارهم الكبير بمدينة العيون، مؤكدين أنهم لم يتوقعوا هذا المستوى المتقدم من التنمية والبنيات التحتية، واصفين العيون بأنها مدينة إفريقية حديثة بامتياز تجمع بين الأصالة المغربية والتطور العمراني، بما تحتضنه من مشاريع اقتصادية وثقافية واجتماعية كبرى.

وأكدت الوفود أن ما شاهدوه من مرافق ومؤسسات تعليمية ورياضية ومكتبات حديثة يعكس الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس في جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا للتنمية المتكاملة، معتبرين أن العيون باتت واجهة إفريقية للاستثمار والتعاون جنوب-جنوب ومصدر إلهام لبقية المدن الإفريقية الطامحة إلى تحقيق نهضة مماثلة.

وخلال تواجد موقع “إعلام تيفي” بمدينة العيون خلال تغطية أحداث المنتدى، سألنا إيفاريست نغامانا، نائب رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (سيماك)، حول ما تار إنتباهه بهذه المدينة.

وأكد أن مدينة العيون تمثل اليوم نموذجا تنمويا رائدا في القارة الإفريقية، وبوابة واعدة للاستثمارات المشتركة بين بلدان الجنوب، موضحا أن ما شاهده خلال زيارته للمدينة يعكس التحول الكبير الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية للمملكة، سواء من حيث البنيات التحتية أو حجم المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المنجزة على أرض الواقع.

وأشار نغامانا، إلى أن العيون أصبحت مركز جذب حقيقي لرؤوس الأموال الإفريقية، بفضل ما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية وبشرية وموقع استراتيجي يجعلها حلقة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، مضيفا أن الوفد البرلماني وقف على نماذج ملموسة لمشاريع اقتصادية واعدة، من بينها وحدات لاستخراج الفوسفاط، ما يعكس الإمكانات الكبرى التي تزخر بها المنطقة وقدرتها على احتضان استثمارات متنوعة.

البنية التحتية لمطار العيون تخضع لعملية تطوير شاملة (صور) - زنقة 20

وشدد نغامانا على ضرورة أن ينخرط رجال الأعمال الأفارقة في الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المدينة، مؤكدا أن الاستثمار في العيون ليس مجرد مساهمة اقتصادية، بل هو التزام جماعي من أجل مستقبل القارة ورخاء شعوبها، مشيدا في الوقت نفسه برؤية المغرب التي جعلت من الأقاليم الجنوبية فضاء مفتوحا للتنمية والتعاون الإفريقي المشترك.

ونفس السؤال طرحناه على ليوني ترالي، ممثلة الهيئة الحكومية لريادة الأعمال في الكاميرون (DGCAM)، لتعترف إنها فوجئت بحجم الدينامية الاقتصادية التي تعرفها مدينة العيون، ووصفتها بأنها مدينة صناعية في طور التحول إلى قطب إفريقي كبير، مؤكدة أن ما شاهدته خلال زيارتها الميدانية يفوق كل التصورات المسبقة التي كانت لديها عن المنطقة.

وأضافت أن المشاريع الكبرى والمنشآت الحديثة المنتشرة في المدينة تعكس رؤية تنموية متقدمة تجعل من العيون نموذجا يحتذى به في إفريقيا.

وعبرت المسؤولة الكاميرونية عن إعجابها بما وصفته بالحركة التصنيعية والصناعية الكبيرة، معتبرة أن العيون مؤهلة لأن تكون بمثابة غرفة اجتماعات لإفريقيا، أي مركزا لاستضافة كبريات اللقاءات الاقتصادية والاستثمارية القارية.

وأكدت ترالي أن دعم المبادرات الاستثمارية في الأقاليم الجنوبية للمملكة يشكل مدخلا حقيقيا لتعزيز التعاون جنوب–جنوب، مشيدة بالرؤية المغربية التي جعلت من العيون بوابة اقتصادية واستراتيجية نحو عمق القارة الإفريقية.

تحولت مدينة العيون إلى نقطة إبهار حقيقية للوفود الإفريقية التي تزورها، إذ لم يخف عدد من المسؤولين والبرلمانيين دهشتهم أمام حجم التحول الذي عرفته هذه الحاضرة الجنوبية.

فمن بنى تحتية عصرية ومشاريع اقتصادية كبرى، إلى مؤسسات ثقافية وتعليمية حديثة، رسمت العيون صورة مدينة تنبض بالحياة والتنمية هذا الانبهار لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية جعلت من الأقاليم الجنوبية مختبرا مغربيا لنموذج تنموي متوازن، قادر على استقطاب الاستثمارات وتعزيز التعاون الإفريقي-الإفريقي على أرض الواقع.

العيون.. مطار الحسن الأول استقبل أزيد من 254 ألف مسافر خلال سنة 2023 – المغرب الآن المدخل الجديد لمدينة العيون “طريق السمارة” يزدان بمعلمة على شكل خيمة | Aldar.ma

كيف تقيمون أثر استضافة العيون للمنتديات واللقاءات الاقتصادية الإفريقية على جذب الاستثمارات وتحفيز التنمية المحلية في جهة العيون الساقية الحمراء؟ سؤال طرحناه على حمدي ولد الرشيد رئيس جهة.

حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء

أكد حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، أن الرؤية الملكية التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس خلال زيارته التاريخية لمدينة العيون سنة 2015 بدأت تؤتي ثمارها، حيث تحولت المدينة إلى قطب اقتصادي إفريقي بامتياز، بفضل البنية التحتية المتطورة والمشاريع التنموية الكبرى التي جعلت منها نقطة جذب استثماري متميزة تربط إفريقيا بأوروبا.

وأوضح ولد الرشيد، ل“إعلام تيفي” على هامش المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب ودول مجموعة السيماك، أن اللقاءات الدولية من هذا النوع تحدث أثرا ملموسا لأنها تمكن الوفود الإفريقية من الوقوف على حجم التحولات التي تشهدها الجهة، وهو ما يعزز الثقة في مناخ الاستثمار ويحفز الشراكات القارية.

وفي السياق ذاته، أبدى رئيس الجهة تفاؤله بمستقبل التعاون المغربي–الإفريقي، مؤكدا أن  مدينة العيون أضحت فاعلا رئيسيا في بناء التكامل الاقتصادي بالقارة السمراء، وهو الهدف الاستراتيجي الذي أكد عليه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في مجموعة من المناسبات، من خلال خطاباته الملكية.

جلالة الملك محمد السادس خلال خطاب الذكرى 39 للمسيرة الخضراء:

“لقد عرفت هذه المناطق العزيزة علينا، منذ استرجاعها، العديد من المنجزات في مختلف المجالات غير أن الأوراش التي سنقدم عليها، إن شاء الله، خلال السنة المقبلة، تعتبر حاسمة، لمستقبل المنطقة ويتعلق الأمر بتفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية”

اتخذ النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية مدخلا استراتيجيا للمملكة يهدف إلى تحويل الأقاليم الجنوبية إلى محرك تنموي متكامل، منذ إطلاقه رسميا يوم 7 نوفمبر 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء.

ويتضمن هذا النموذج جملة من المحاور التي تتمحور حول تعزيز البنيات التحتية، وتحفيز الاستثمار، ودعم التنمية البشرية، وإرساء الجهوية المتقدمة، وذلك بهدف إدماج هذه الأقاليم في النسيج الوطني والاقتصاد الإفريقي.

ووفق معطيات رسمية، فقد تم تخصيص استثمارات تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار لهذه الربوع، مع التركيز على مشاريع كبرى مثل مستشفى جامعي، شبكة طرق حديثة، وميناء يناسب الربط الإفريقي–الأوروبي وبالإضافة إلى ذلك، تسعى هذه الاستراتيجية إلى استثمار الموارد الطبيعية (مثل الطاقات المتجددة وثروات الصيد) وخلق فرص الشغل، ضمن رؤية تنموية مستدامة تحسن واقع المواطنين وتقلص الفوارق المجالية.

فمنذ المسيرة الخضراء وما تبعها من دمج للأقاليم الجنوبية في النسيج الوطني، شهدت هذه المناطق تحولات استثمارية وتنموية كبيرة، جعلتها منصة استراتيجية لجذب الاستثمارات الوطنية والدولية، فقد أسهمت المشاريع الكبرى في البنية التحتية، في تعزيز مكانة العيون والداخلة كمحطات اقتصادية حيوية، توفر فرص شغل وتنمية مستدامة للسكان المحليين، وتجعل الجنوب نموذجا حيويا للنمو الاقتصادي المتوازن على مستوى المغرب والقارة الإفريقية.

وتطلعا إلى المستقبل، تواصل الدولة الاستثمار في هذه الأقاليم عبر مشاريع رقمية وطاقة نظيفة، بالإضافة إلى تطوير الموانئ والطرق لتسهيل الربط التجاري مع أوروبا وإفريقيا، هذا المسار يجعل الجنوب أكثر من مجرد منطقة للاستثمار؛ بل منصة للنمو المستدام، حيث يجمع بين التاريخ الوطني منذ المسيرة الخضراء، الموارد الطبيعية، الكفاءات البشرية، والموقع الاستراتيجي ليصبح نموذجا متكاملا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى