
حسين العياشي
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتزايد فيه الحاجة للمعلومة الدقيقة، لم يعد التواصل مع الرأي العام مجرد واجب شكلي، بل أصبح أداة جوهرية لترسيخ الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. ومن هذا المنطلق، وضعت المديرية العامة للأمن الوطني خلال هذه السنة استراتيجية واضحة لتعزيز الانفتاح المرفقي، وتقوية شرطة القرب، وتكريس التواصل الفعّال مع المواطنين ووسائل الإعلام، مؤمنة بأن الأمن ليس مجرد قوة ضبط، بل ممارسة مشتركة مع المجتمع نفسه.
وعلى هذا الأساس، لعبت مصالح التواصل دوراً محورياً في تقريب المؤسسة الأمنية من المواطن، وجعل الأخبار الحقيقية أداة حماية للشعور بالأمن، مقابل مواجهة المعلومات المغلوطة والأخبار الزائفة التي قد تزعزع الاستقرار النفسي والاجتماعي. فقد أنجزت مصالح التواصل 6862 نشاطاً إعلامياً شامل نشر 1973 بلاغاً وأخباراً صحفية، و4386 ربورتاجاً إعلامياً، و503 محتوى رقمي متنوعاً على الحسابات الرسمية للمديرية، ما يعكس كثافة الجهد المبذول لإيصال الحقيقة إلى كل مواطن ومواطنة.
وكانت مواجهة الأخبار الزائفة أولوية استراتيجية، حيث تم إصدار 29 بياناً لتصحيح الشائعات ومواجهة المحتويات المضللة، بانخفاض ملحوظ مقارنة بسنة 2024 التي شهدت 40 بياناً. وساهم المواطنون في هذا التراجع، عبر التبليغ الفوري عن المحتويات المشكوك فيها، ما مكّن المديرية من اعتماد مقاربة استباقية لمنع انتشارها، وحماية شعورهم بالأمن.
ولم يقتصر التواصل على الأخبار والتصحيح، بل شمل رصد المحتويات العنيفة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم تسجيل 260 محتوى يوثق لأفعال إجرامية أو مشاهد عنيفة، وتابعتها مصالح الأمن بالخبرات التقنية والإجراءات القانونية اللازمة، مع إصدار بلاغات توضيحية للرأي العام لتدعيم الثقة والشعور بالأمان.
أما على صعيد الفعاليات الكبرى، فقد أظهرت المديرية قدرة عالية على التواصل مع الجمهور والإعلام المحلي والدولي، من خلال تنظيم النسخة السادسة لتظاهرة “الأبواب المفتوحة” بمدينة الجديدة، واستقبال أكثر من مليونين و400 ألف زائر، إضافة إلى تغطية الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة لأنتربول بمراكش، والتي شارك فيها أكثر من 200 صحفي، وأُنتج خلالها أكثر من 600 ربورتاج إعلامي، مع بث مباشر على الحسابات الرسمية، محققاً ملايين المشاهدات.
ولتعزيز هذا التواصل الرقمي، نشرت المديرية 503 محتوى متنوعاً على منصات التواصل الاجتماعي، التي يتابعها اليوم أكثر من مليون و268 ألف متابع، موزعين بين إكس (تويتر سابقاً)، وفيسبوك، وإنستغرام، مما يوفر قناة مستمرة للتفاعل المباشر مع الأحداث، ويجعل المواطن شريكاً فعلياً في صناعة الأمن.
كما استهدفت المديرية الفئات الأكثر حساسية، من خلال حملات تحسيسية في الوسط المدرسي، شملت 109 آلاف و934 تلميذاً وتلميذة، لتعريفهم بمخاطر الجنوح وإساءة استخدام الأنظمة المعلوماتية، إضافة إلى تنظيم زيارات ميدانية للأطفال المهتمين بمهن الأمن الوطني، ومنحهم فرصة ارتداء الزي الرسمي، لتعزيز الانتماء والشعور بالمسؤولية المبكرة تجاه المجتمع.
هذه الجهود المكثفة في مجال الإعلام والتواصل، تؤكد أن الأمن الوطني في المغرب ليس مجرد قوة حماية، بل مؤسسة مواطنة حريصة على الشفافية والانفتاح، تضع المواطن في قلب استراتيجيتها، وتستخدم كل الوسائل الممكنة لضمان وصول المعلومة الصحيحة، وبناء جسور الثقة مع المجتمع، في زمن باتت فيه الأخبار الزائفة والتهويلات الرقمية تهدد استقرار الشعور الأمني.





