ارتباك جزائري جديد في التعامل مع العلاقات الفرنسية-المغربية

ل.شفيق- اعلام تيفي
التخبط الجزائري في مواجهة التقارب الفرنسي-المغربي
مرة أخرى، يبرز التناقض في تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اعتبر أن زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى الصحراء المغربية “ليست استفزازاً”، مؤكدًا أن التقارب بين باريس والرباط “لا يزعج الجزائر”. هذا الموقف يتعارض مع البيانات الرسمية السابقة للخارجية الجزائرية، التي عبرت عن استياء شديد من العلاقات المتنامية بين المغرب وفرنسا.
تراجع بعد تصعيد
في الأشهر الأخيرة، أبدى النظام الجزائري مواقف متشنجة تجاه فرنسا بسبب سياساتها الخارجية، خاصة فيما يتعلق بدعم المغرب في قضية الصحراء. غير أن تصريحات تبون الأخيرة تشير إلى تراجع عن هذا النهج التصعيدي، ما يعكس ارتباكًا في الموقف الرسمي الجزائري.
نوفل البعمري، الباحث في شؤون الصحراء والعلاقات الدولية، يرى أن هذا التناقض يعكس ارتباكًا دبلوماسيًا واضحًا. فالنظام الجزائري دأب على التصعيد عند حدوث أي تقارب بين المغرب وقوى دولية كبرى، كما حدث مع إسبانيا بعد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية. واليوم، يتكرر المشهد مع فرنسا، حيث أصدرت الخارجية الجزائرية أكثر من عشرة بيانات غاضبة بعد زيارات مسؤولين فرنسيين إلى المغرب.
ضغوط فرنسية وعزلة جزائرية
يبدو أن الجزائر باتت تدرك أن محاولاتها التأثير على المواقف الدولية بشأن الصحراء المغربية لم تُثمر. فرنسا، رغم الضغوط الجزائرية، اتخذت إجراءات صارمة لحماية مصالحها ولم ترضخ لسياسة الابتزاز السياسي. هذا الواقع الجديد وضع الجزائر في موقف صعب، خاصة وأنها تعتمد على فرنسا كشريك اقتصادي رئيسي وتستضيف جالية جزائرية كبيرة داخل أراضيها.
مراجعة اضطرارية للموقف الجزائري
تُظهر تصريحات تبون الأخيرة أن الجزائر تسعى الآن إلى تهدئة التوترات مع باريس، بعد أن أدركت أن القطيعة مع الدول الداعمة للمغرب لن تؤدي إلا إلى المزيد من العزلة. ومع تنامي الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، يدرك النظام الجزائري أن معركته الدبلوماسية باتت خاسرة، وهو ما يفسر محاولاته الأخيرة لإعادة ضبط علاقاته مع فرنسا.
الخلاصة
السياسة الخارجية الجزائرية تجاه قضية الصحراء المغربية تمر بمرحلة من التذبذب وعدم الاستقرار. فبعد نهج تصعيدي استمر لأشهر، يجد النظام نفسه الآن مضطرًا إلى التراجع، في ظل تحولات إقليمية ودولية غير مواتية لموقفه. يبقى السؤال المطروح: هل ستواصل الجزائر هذا النهج التراجعي، أم أنها ستعود إلى سياسة التصعيد عند أول فرصة؟