الاكتفاء الذاتي في موريتانيا في الخضراوات .. الصادرات المغربية إلى أين؟

فاطمة الزهراء ايت ناصر

كشف زين العابدين ولد الشيخ أحمد، رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، أن موريتانيا حققت اكتفاءً ذاتيًا من الأرز، وتقترب من تحقيق ذلك في الخضروات بحلول عام 2026. هذا التطور أوضح تساؤلات كثيرة حول مستقبل الصادرات المغربية، خاصة أنه يعتبر أول مصدر لموريتانيا.

وفي هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي خالد أشيبان أن أي دولة تحقق الاكتفاء الذاتي لن تكون بحاجة إلى استيراد المنتجات من الخارج، لكن ذلك لا يعني أن الدول المصدرة لن تجد أسواقًا خارجية لتصدير فائض إنتاجها.

وكشف أشيبان أن الاكتفاء الذاتي في موريتانيا لا يعني بالضرورة غياب فرص التصدير، موضحًا أنه في حال عدم توفر وجهة خارجية للمنتجات المحلية، فإنها ستتجه إلى السوق الداخلي. موضحا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار، خاصة مع الارتفاع الكبير الذي تشهده المواد الأساسية.

وأوضح أشيبان أن الإشكال الحقيقي لا يكمن فقط في تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل في مدى قدرة موريتانيا على الوصول إليه بنسبة 100%.مؤكدا أن الأمر لا يزال غير واضح فيما إذا كانت البلاد قادرة على تلبية جميع احتياجاتها دون الحاجة إلى استيراد بعض المواد الأساسية.

في هذا السياق أكد عضو الجامعة المغربية لحماية المستهلك، نبيل القليعي، أن القيود الجمركية التي فرضتها موريتانيا السنة الماضية على الواردات المغربية من الخضر والفواكه أدت إلى تراجع حجم الصادرات المغربية نحو السوق الموريتانية.

وأوضح أن هذا التراجع نتج عنه وفرة كبيرة في العرض داخل السوق المحلي المغربي حينها، وهو ما ساهم في انخفاض أسعار بعض المنتجات الفلاحية.

وذكر القليعي أن تراجع الطلب الموريتاني على الخضر والفواكه المغربية في السنة الماضية دفع المنتجين والمصدرين إلى توجيه كميات أكبر نحو السوق الداخلي، مما تسبب في ارتفاع العرض وانخفاض السعر.

وأكد أن هذا العرض الزائد كان له تأثير مباشر على الأسعار، حيث سجلت بعض أنواع الخضر انخفاضًا محدودًا مقارنة بالمستويات السابقة، مما يعطي فرضية ان يتكرر الأمر في حالة تم بالفعل الاكتفاء الذاتي لموريتانيا.

وأشار إلى أن انخفاض حجم الصادرات قد يؤثر على المزارعين المغاربة الذين يعتمدون بشكل كبير على السوق الموريتاني.

ويذكر أن الزيادات الجمركية سنة 2024، التي وصلت إلى 4600 يورو للشاحنة بعد أن كانت 1600 يورو، أدت إلى تكدس طوابير طويلة من الشاحنات المغربية على الحدود. وأفادت التقارير بأن هذا الوضع تسبب في انخفاض حجم الصادرات المغربية من الفواكه والخضروات نحو موريتانيا إلى النصف منذ بداية 2024.

على الرغم من هذه التحديات، أفادت بيانات رسمية بأن المغرب يظل الشريك التجاري الأول لموريتانيا في إفريقيا، حيث يستحوذ على 50% من وارداتها من القارة، و73% من إجمالي وارداتها من البلدان المغاربية. وتتشكل هذه الصادرات بنسبة 80% من المواد الغذائية والزراعية، والمواد المصنعة، وأيضًا معدات النقل، فيما تمثل الخضر والفواكه 20% من إجمالي الصادرات.

وأعلنت الوكالة الوطنية للإحصاء والتحليل الديمغرافي والاقتصادي في موريتانيا أن المغرب استحوذ على 19% من حصة إفريقيا في التبادل التجاري مع موريتانيا، وهي حصة تشكل 10% من إجمالي قيمة التبادل التجاري بين نواكشوط والعالم. وبلغت قيمة الواردات الموريتانية من المغرب خلال النصف الأول من هذا العام أكثر من 1.8 مليار أوقية، في حين لم تتجاوز قيمة الصادرات الموريتانية إلى المغرب 19 مليون أوقية، ما أدى إلى تسجيل عجز تجاري لصالح الرباط بقيمة 1.7 مليار أوقية.

وبحسب وزارة الاقتصاد والمالية المغربية، فقد ناهزت المبادلات التجارية بين البلدين خلال سنة 2022 حوالي 300 مليون دولار، بعدما لم تتجاوز 1.9 مليار دولار خلال الفترة من 2009-2019، بمعدل سنوي أقل من 173 مليون دولار. ويرجع هذا الانتعاش إلى انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في مارس 2022 بعد 9 سنوات من الجمود، ما كان له وقع إيجابي على العلاقات الاقتصادية.

من ناحية أخرى، سبق أن حذرت مجلة “إيست فروت” المتخصصة في سوق الفواكه والخضروات من أن الحد من الصادرات المغربية إلى موريتانيا قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع في منطقة الساحل، حيث تعتمد العديد من الدول المجاورة على هذه الإمدادات.

وكشفت تقديرات منظمة الأمم المتحدة أن 50 مليون شخص في غرب ووسط إفريقيا كانوا سيواجهون الجوع العام الماضي بعد غلق الجمارك، مما يزيد من حساسية الوضع في المنطقة. وعلى الرغم من أن موريتانيا لا تعاني أزمة جوع حادة مثل دول الساحل الأخرى، فإن بيانات برنامج الأغذية العالمي تشير إلى أن خمس سكانها يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعاني 10% من الأطفال من سوء التغذية الحاد.

وعلى الرغم من هذا التغيير في السوق الموريتانية، يظل المغرب المورد الأساسي للخضر والفواكه لنواكشوط، حيث يصدر نحو 170 ألف طن سنويًا، تشمل أصنافًا رئيسية مثل الجزر، الطماطم، البصل، البطاطس، الحمضيات، والقرعيات. وفي ظل هذه المستجدات، سيكون على المغرب البحث عن أسواق جديدة لتصريف فائض الإنتاج، أو التفاوض مع موريتانيا لتخفيف الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى