سياسة التصدير المكثف تهدر الثروة السمكية (دراسة)

إعلام تيفي
حذرت جمعية أطاك المغرب، في دراسة نقدية حديثة حول سياسات الصيد البحري، من التناقض الحاد الذي يعيشه المغرب في المجال الغذائي، مشيرة إلى أنه رغم امتلاكه فائضا مهما من الثروة السمكية، فإن شريحة واسعة من المواطنين تعاني من نقص في الغذاء، وهو وضع تعزوه الجمعية إلى أولوية التصدير على حساب السوق المحلي.
وحملت الدراسة، التي حملت عنوان “الصيد البحري في المغرب: الثروة المهدورة”، سياسة التصدير المسؤولية عن تعزيز التبعية الغذائية وتفاقم غياب العدالة في توزيع الثروات.
وأوضحت أن المغرب، باعتباره أحد أكبر المنتجين والمصدرين للأسماك في إفريقيا، يوجّه كميات ضخمة من إنتاجه إلى الأسواق الخارجية، مما أدى إلى تراجع الاستهلاك الداخلي وارتفاع أسعار الأسماك بشكل ملحوظ.
ونفى التقرير أن يكون هناك نقص في الإنتاج السمكي، مؤكدا أن البلاد تحقق فائضا سنويا كبيرا، لكن الغالبية العظمى منه تخصص للتصدير بدل تغطية حاجيات السوق المحلية.
كما لفت إلى أن هذا التوجه الاقتصادي بدأ منذ السبعينيات، وتعمق مع اعتماد سياسات ليبرالية مثل “مخطط أليوتيس”، الذي رأى فيه التقرير عاملا مساعدا على استنزاف الموارد البحرية لصالح الشركات الكبرى، مع غياب أي توزيع عادل للعائدات، مما يؤدي إلى حرمان شرائح واسعة من حقها في الغذاء.
ورأت الدراسة أن هذه السياسات تؤسس لنظام يعتمد على الاستغلال المفرط للثروات البحرية وتحويلها إلى سلعة موجهة للتصدير بدل اعتبارها موردا غذائيا أساسيا للمواطنين.
ووصفت النموذج القائم بأنه وسيلة لتقييد السيادة الغذائية للمغاربة، داعية إلى تبني سياسة بديلة تركز على الاستهلاك المحلي وتراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية.
واعتمد التقرير على تحقيقات ميدانية شملت عددا من الموانئ المغربية، حيث تم إجراء مقابلات مع بحارة وممثلين نقابيين، وخلصت الدراسة إلى أن قطاع الصيد الساحلي، خصوصا ما يتعلق بالسردين، يعاني من ضغط متزايد بسبب الطلب الدولي، مما أدى إلى تهديد التنوع البيولوجي البحري.
وفيما يتعلق بالسياسات البيئية، رأت الجمعية أن المقاربات الرسمية لا تعالج الأزمة من جذورها، بل تساهم في تفاقمها عبر دعم مشاريع مثل تربية الأحياء البحرية، التي وصفتها بأنها تشكل خطرا إضافيا على التوازنات الإيكولوجية في المناطق الساحلية.
كما تناولت الدراسة الجانب الجيوسياسي، حيث انتقدت الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، معتبرة إياها استمرارا لنهب الموارد البحرية المغربية في إطار قانوني، يسمح لأساطيل أجنبية باصطياد مئات الآلاف من الأطنان سنويا مقابل تعويضات مالية محدودة لا تعود بالنفع على المواطنين.
وفي ختام تقريرها، طالبت أطاك المغرب بضرورة إنهاء هذه الاتفاقيات فورا، معتبرة أنها تشكل عقبة أمام تحقيق العدالة الغذائية والبيئية.
وأكدت أن استمرار تصدير الثروة السمكية بينما يعاني المواطنون من غلاء أسعارها يتنافى مع أي حديث عن سيادة غذائية، كما لا يمكن حماية البيئة دون مراجعة شاملة للنموذج الإنتاجي القائم.