
فاطمة الزهراء ايت ناصر
يستعد المغرب للعودة لإضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية، وذلك ابتداءً من الساعة الثانية صباحًا يوم الأحد 6 أبريل المقبل، بعد انتهاء شهر رمضان.
وبهذا الخصوص، أكد فؤاد يعقوبي الأخصائي في علم النفس الاجتماعي والأمين العام للمنظمة الوطنية للدعم والتمكين النفسي والاجتماعي أن الإيقاعات البيولوجية المعروفة بالإيقاعات اليومية هي مجموعة من التغيرات البيولوجية والسلوكية التي تحدث في دورات منتظمة وترتبط بشكل وثيق بالتغيرات البيئية مثل الإضاءة ودرجة الحرارة.

وكشف يعقوبي ل “إعلام تيفي ” أن أي تعديل في الساعات اليومية سواء بسبب التوقيت الصيفي أو التغيرات في الأنماط الحياتية بفعل العمل أو العوامل الاجتماعية يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية للأفراد والمجتمع ككل.
وأوضح يعقوبي أن تغيير الساعة لا يقتصر تأثيره على الأفراد فقط بل يمتد إلى نمط الحياة داخل المجتمع بأسره حيث يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في العلاقات الاجتماعية والأنشطة اليومية مما قد يؤثر على الترابط الاجتماعي كما أن الاضطرابات في الإيقاع اليومي بسبب تغيير الساعة قد تؤدي إلى تحديات نفسية واجتماعية تتطلب استجابة من الأفراد والمجتمع .
وأشار إلى أن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات النوم بسبب عدم التكيف مع تغيرات الوقت قد يجدون صعوبة في التفاعل الاجتماعي مما يزيد من احتمالية العزلة الاجتماعية بالإضافة إلى ذلك فإن التأثيرات تمتد إلى التركيز والأداء المهني حيث تكمن الأبعاد النفسية لتغيير التوقيت في تأثيره العميق على القدرات العقلية والإدراكية
وأكد الأخصائي فؤاد ايعقوبي في حديثه ل”إعلام تيفي” أن تغيير التوقيت الصيفي عادة ما يؤدي إلى اضطرابات في النوم مما ينعكس على تدني مستوى التركيز وهو ما يثير تساؤلات حول الأداء الذهني للأفراد خلال هذه الفترات.
وأوضح أن فقدان ساعة من النوم قد يؤدي إلى اختلال التوازن البيولوجي مما ينتج عنه إرهاق ذهني وضعف في الإنتاجية سواء في العمل أو الدراسة إلى جانب الشعور بالتشويش الذهني والصداع وكشف يعقوبي أن الأبحاث تشير إلى أن الضغط العصبي الناجم عن تغيير الساعة يمكن أن يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول وهو ما يؤثر سلبًا على الذاكرة قصيرة المدى والقدرة على اتخاذ القرارات
وأوضح الأخصائي أن تغيير التوقيت قد يؤثر على الحالة النفسية للأفراد خاصة فيما يتعلق بالمزاج حيث قد يؤدي إلى زيادة معدلات القلق والاكتئاب وأشار إلى أن هذه التأثيرات مرتبطة بعدة عوامل نفسية وفيزيولوجية إذ يقوم الجسم بتنظيم ساعته البيولوجية وفقًا لدوران الضوء والظلام وعند حدوث تغيير مفاجئ في هذا النظام يختل توازن إفراز الهرمونات مثل السيروتونين والميلاتونين اللذين يلعبان دورًا حيويًا في تنظيم النوم والمزاج.
وكشفت الدراسات أن هذه التغيرات المفاجئة قد تؤدي إلى ارتفاع أعراض الاكتئاب والقلق لدى بعض الأفراد مما يثير القلق حول الزيادة المحتملة في معدلات الانتحار خلال الفترات الانتقالية من التوقيت الشتوي إلى الصيفي والعكس
وأكد يعقوبي أن العودة إلى الساعة الإضافية تؤثر بشكل ملحوظ على المراهقين والأطفال حيث تتسبب في اضطرابات النوم مما يؤثر على صحتهم النفسية والاجتماعية .
وأوضح أن التأثيرات تختلف حسب العمر والخلفية الاجتماعية والثقافية للفرد لكنها تتجلى في اضطراب نمط النوم حيث يؤدي تغيير الساعة إلى تقليص الفارق الزمني بين النوم والاستيقاظ بساعة واحدة مما يؤثر على جودة النوم ويزيد من احتمالية الإصابة بالأرق والتعب النفسي والجسدي .
كمايسبب تغيير الساعة اضطرابات في الجدول اليومي للمدارس والأنشطة الترفيهية مثل الرياضة مما يؤثر على المسارات التعليمية والحياة الاجتماعية للأطفال والمراهقين إضافة إلى ذلك يجد الأطفال والمراهقون صعوبة في التكيف مع التغيرات المفاجئة في جدول النوم والأنشطة مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر لديهم ولا تقتصر التأثيرات على الأطفال والمراهقين بل تمتد إلى الأهل والمعلمين حيث يواجهون صعوبة في التكيف مع الجدول اليومي الجديد مما يزيد من مستويات الإجهاد لديهم أيضًا، حسب الدكتور.
وكشف يعقوبي أن تأثير تغيير الساعة على المزاج يكون مؤقتًا لكنه قد يؤدي إلى شعور بالضيق والقلق لدى البعض خاصة لأنهم يشعرون بأن النهار أصبح أقصر مما يؤثر على روتينهم اليومي كما أن التغيرات في أوقات العمل والنشاطات قد تخلق إحساسًا بالتوتر والإجهاد ومع ذلك فإن الأثر النفسي لتغيير الساعة الإضافية يكون طفيفًا ويمكن تجاوزه مع مرور الوقت
وأكد الأخصائي أن تغيير الساعة يمثل تحديًا نفسيًا واجتماعيًا يتطلب استجابة واعية من الأفراد والمجتمع لذلك ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات تساعد في التكيف مع التغيير ومنها تعديل الجداول اليومية تدريجيًا حيث يساعد التدرج في تغيير مواعيد النوم والاستيقاظ قبل الانتقال إلى التوقيت الجديد على تقليل الأثر السلبي كما أن توفير بيئة مناسبة للنوم وتحسين جودة النوم من خلال تقليل التعرض للضوء الأزرق قبل النوم وخلق بيئة مريحة يساعد في التأقلم بشكل أسرع ومن المهم ممارسة الأنشطة البدنية والاجتماعية حيث يقلل الانخراط في الرياضة والأنشطة الاجتماعية من التوتر ويعزز الاستقرار النفسي خلال فترات التغيير الزمني كما يجب تقديم الدعم النفسي للأطفال والمراهقين من خلال مساعدتهم على التكيف مع التغيير وتعديل الجدول اليومي وتشجيعهم على اتباع نمط حياة صحي والحرص على تواصل الأهل معهم لدعمهم نفسيًا
وأكد فؤاد يعقوبي أن تغيير الساعة البيولوجية له تأثيرات متعددة على الصحة النفسية والاجتماعية إذ يؤثر على النوم التركيز الأداء المهني والمزاج العام مع امتداد هذه التأثيرات بشكل أعمق للأطفال والمراهقين وبينما قد يكون التأثير النفسي مؤقتًا لدى البعض إلا أنه قد يشكل تحديًا أكبر للفئات الأكثر حساسية للتغيرات الزمنية لذا فإن اتباع استراتيجيات تكيف فعالة والتوعية بأهمية هذه التغيرات يمكن أن يخفف من آثارها السلبية ويعزز التكيف النفسي والاجتماعي للأفراد والمجتمع ككل.
وفقًا لأحكام المرسوم رقم 2.18.855 الصادر في 26 أكتوبر 2018، والذي ينظم مواعيد تغيير التوقيت في المملكة، يستعد المغرب للعودة إلى إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية، وذلك ابتداءً من الساعة الثانية صباحًا يوم الأحد 6 أبريل المقبل، بعد انتهاء شهر رمضان.
وكان المغرب قد اعتمد توقيت غرينيتش (GMT) مؤقتًا منذ 23 فبراير الماضي، تزامنًا مع حلول الشهر الفضيل، على أن يتم الرجوع إلى (GMT+1) بمجرد انتهائه، كما جرت العادة في السنوات الأخيرة.





