خبراء إعلاميون: الصحافة المغربية تستدعي بناء نموذج اقتصادي جديد

إعلام تيفي

يرى متخصصون في مجال الإعلام والاتصال أن الصحافة المغربية تمر بمرحلة صعبة تهدد استمرارها، وهو ما يستدعي التفكير في نموذج اقتصادي جديد يتلاءم مع التحولات الرقمية العميقة التي تعرفها البيئة الإعلامية.

وفي هذا السياق، اعتبر عبد المجيد فاضل، أستاذ اقتصاد وسائل الإعلام بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أن الساحة الإعلامية بالمغرب تشهد تغييرات جذرية تتطلب إعادة صياغة نموذج اقتصادي قادر على التكيف مع المستجدات، موضحا أن الاعتماد على المبيعات الورقية أصبح غير قابل للاستمرار نتيجة لتراجع الإقبال وارتفاع تكاليف الطباعة والتوزيع، إلى جانب المنافسة المتزايدة في المجال الرقمي.

وخلال مداخلة له في ندوة وطنية نظمتها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أمس السبت 12 أبريل، أكد فاضل أن منظومة الدعم العمومي المخصصة للصحافة، رغم وجودها منذ سنوات، ما تزال غير كافية مقارنة بحجم التحديات التي يواجهها القطاع، كما أشار إلى غياب معايير واضحة وشفافة لتوزيع هذا الدعم، وعدم ملاءمته مع التغيرات التي يعرفها المشهد الإعلامي المغربي.

وأضاف أن الأزمة التي يعيشها القطاع ليست جديدة، بل هي أزمة بنيوية تفاقمت بفعل الأوضاع الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى التحول الذي شهده سوق الإعلانات نحو الوسائط والمنصات الرقمية، على حساب الصحافة الورقية، ما أثر بشكل كبير على التوازن المالي للمقاولات الإعلامية التي تعاني معظمها من هشاشة واضحة.

وأوضح المتحدث أن الرقمنة، رغم ما توفره من فرص لتوسيع قاعدة الجمهور والانفتاح على أسواق جديدة، إلا أنها تمثل تهديدا حقيقيا للمؤسسات التقليدية التي لم تتمكن بعد من فهم سلوك المستخدم الرقمي أو إنتاج محتوى مناسب بالسرعة المطلوبة، مشيرا إلى أن ضعف البنية التحتية، وقلة الكفاءات في مجالات الإعلام الرقمي والتحليل البياني، وغياب نموذج ربحي واضح، كلها عوامل تعيق التحول الرقمي وتزيد من صعوبة المنافسة مع الفاعلين الرقميين الكبار المسيطرين على سوق الإشهار.

وشدد فاضل على أهمية تبني سياسة دعم استراتيجي دائم لمواكبة هذا التحول، معتبرا أن الدعم العمومي أصبح ضرورة ملحة لإعادة التوازن للقطاع في ظل هذه التحديات البنيوية.

وفي سياق مواز، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة السابق، إن النقاش الجاري حول وضعية الإعلام المغربي مهم جدا رغم تأخره، مؤكدا أن بناء ديمقراطية فاعلة ومؤثرة في محيطها لا يمكن أن يتم دون إعلام قوي ومستقل.

وأشار الخلفي إلى الانخفاض الكبير في مبيعات الصحف الورقية، التي تراجعت من نحو 400 ألف نسخة يوميا إلى أقل من 20 ألف، إلى جانب انخفاض كبير في مداخيل الإشهار وتقلص عدد العاملين في القطاع، مما جعله يعيش حالة شبيهة بـ”الموت السريري”.

كما انتقد غياب مؤسسة منتخبة لتنظيم القطاع، معتبرا أن تعويض المجلس الوطني للصحافة بلجنة مؤقتة دليل على مسار سلبي يستدعي إعادة نظر شاملة.

وأكد على ضرورة صياغة مقاربة تشاركية تؤدي إلى توافق وطني حول خارطة طريق للنهوض بالمشهد الإعلامي، معتبرا أن الإصلاح لا يقتصر فقط على الجوانب القانونية والمالية، بل يتطلب رؤية جماعية تعيد الاعتبار لصناعة الإعلام وتعزز ثقة المواطنين في المؤسسات الإعلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى