الزاهر ل”إعلام تيفي”:”130 مليار درهم للاستقلال المائي والطاقي.. مستقبل المغرب يبدأ اليوم”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أكد الدكتور بدر الزاهر الأزرق، خبير اقتصادي وأستاذ قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن المغرب يشهد مرحلة تاريخية من الاستثمارات غير المسبوقة التي تهدف إلى تحقيق السيادة المائية والطاقية للمملكة، وتعزيز مكانتها الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقال الدكتور الأزرق ل“إعلام تيفي” إن المشاريع المائية والطاقية التي تم الإعلان عنها مؤخراً بقيمة تبلغ حوالي 130 مليار درهم، تمثل استثماراً ضخماً لم يشهد له المغرب مثيلاً من قبل، ويتوافق مع التوجيهات الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الهادفة إلى تحقيق سيادة وطنية مطلقة في قطاعي الماء والطاقة.

وأضاف أن هذه الاستثمارات الضخمة تأتي في إطار شراكة استراتيجية بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، معززة بشراكة بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين.

وأشار إلى أن هذه الشراكة تم تقويتها من خلال توقيع مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تمت خلال زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد للمغرب في دجنبر 2023.

وأوضح الدكتور الأزرق أن الاعتمادات المالية التي ستُعبأ في هذه المشاريع، والتي تقترب من 14 مليار دولار، تهدف بشكل رئيسي إلى تأمين سيادة مطلقة للمملكة على المستوى المائي، وهو أمر أصبح يشغل أولوية قصوى ضمن أولويات المملكة.

وأكد أن المياه تشكل عنصراً أساسياً للحياة، ولا يمكن الحديث عن أي قطاع اقتصادي – سواء كان فلاحة أو سياحة أو صناعات – دون الحديث عن ضمان الأمن المائي.

وأبرز أن المغرب لا يمكنه الحديث عن التنمية المستدامة دون الحديث عن سيادة طاقية، حيث يضمن استمرار إمدادات كهربائية بحجم كبير يواكب الحاجيات المتزايدة للقطاعات الاقتصادية المختلفة، إلى جانب أهداف خلق فرص الشغل التي ستوفر أكثر من 25 ألف منصب.

وأشار إلى أن المشاريع المعلنة تشمل إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، توسيع شبكات الربط الكهربائي، وتطوير الطاقات المتجددة، التي تعتبر عناصر حاسمة في إحداث نقلة نوعية لتموقع المغرب الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي.

وحول البنية التحتية الحالية، أكد الدكتور الأزرق أن المملكة المغربية تمكنت عبر عشرين سنة من بناء بنية تحتية قوية على مستوى الماء والكهرباء، مما أتاح لها مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية. لكنه شدد على أن المغرب اليوم يتطلع إلى تعزيز هذه البنية وتوسيعها لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة والماء، خصوصاً مع التحول التدريجي نحو نموذج اقتصادي أكثر تصنيعاً واعتماداً على الكهرباء النظيفة.

وذكر أن مشاريع الربط بين الأحواض المائية الكبرى تشكل جزءاً أساسياً من هذه الاستراتيجية، مثل ربط حوض أم الربيع بحوض سبو، مما سيساهم في معالجة العجز المائي، إلى جانب تقوية شبكة الربط الكهربائي التي ستمتد من شمال المملكة إلى جنوبها.

وأوضح أيضاً أن المغرب يشرع في تأسيس بنية تحتية طاقية متقدمة تشمل ربط الشبكة الكهربائية بشبكة قارية، مع تنفيذ مشروع أنبوب الغاز القادم من نيجيريا ويمر عبر المغرب، وتطوير إنتاج الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، كخطوة نحو التحول الطاقي.

وأكد أن بعض المحطات التي توقفت سابقاً، مثل محطة تهدارت، ستُعاد إلى الخدمة عبر ضخ الغاز الطبيعي، ما يعزز من قدرة المغرب على مواجهة الطلب المتزايد. كما أشار إلى أهمية ميناء الناظور غرب المتوسط كأحد الموانئ الاستراتيجية لاستيراد المحروقات والغاز الطبيعي.

فيما يتعلق بالسيادة المائية والطاقية كقضايا استراتيجية، أوضح الدكتور الأزرق أن جلالة الملك أكد مراراً على أن هذين القطاعين يجب أن يكونا على رأس أولويات الاستثمار والمالية العمومية في المغرب، باعتبارهما مفتاح النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

وأشار إلى أن الرؤية الاستباقية للمملكة كانت سبباً في تمكنها من مواجهة الأزمة المائية الأخيرة، التي شهدت تراجع حقينة السدود إلى نسبة 23%، وهي نسبة حرجة، حيث تمكن المغرب من التخفيف من آثار هذه الأزمة عبر التضامن بين الأحواض، مضاعفة حقين السدود، وإنشاء محطات لتحلية المياه كحلول بديلة.

وأضاف أن المغرب بفضل هذه التوجهات يضع نفسه اليوم في موقع الريادة في مجال الطاقة المتجددة، ويعمل على تصدير الطاقة النظيفة إلى دول أوروبية كألمانيا وبريطانيا، وهو ما تجلّى بوضوح خلال أزمة الكهرباء في إسبانيا، حيث كانت المملكة بمثابة طوق نجاة لدول أوروبا.

وختم الدكتور بدر الزاهر الأزرق تصريحه بالتأكيد على أن هذه المشاريع الطموحة ستسهم في بناء منصة طاقية دولية على أرض المغرب، تلبي الحاجيات الصناعية والسياحية الداخلية، وتفتح آفاقاً واسعة للتصدير وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الخارج، بما يعزز السيادة الوطنية ويحفز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.

ونود أن نشكر الدكتور بدر الزاهر الأزرق على هذه الرؤية الثاقبة والمعطيات القيمة التي أضاء بها على مستقبل المغرب المائي والطاقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى