انخفاض التضخم في الأرقام وارتفاع الأسعار في الواقع

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن قضية التضخم تندرج ضمن أولويات الحكومة، مشدداً على أن هذه الأخيرة تتابع الموضوع “عن كثب”، وتعمل على مواجهته من خلال حزمة من الإجراءات التي طالت الشأن الفلاحي، القدرة الشرائية، الحوار الاجتماعي، ودعم الفئات الهشة.

ووفق تصريحات بايتاس، فقد أسهمت هذه التدخلات في خفض معدل التضخم إلى مستويات قياسية، بلغ معها 0.4٪ فقط نهاية شهر ماي، بعد أن كان في حدود 0.7٪ في أبريل، وبلغ متوسطه 2٪ خلال الربع الأول من السنة الجارية.

غير أن هذه المعطيات التي تقدمها الحكومة تطرح أكثر من سؤال، خصوصاً حين تُقارن بالواقع المعيشي اليومي للمواطنين. فهل يشعر المواطن فعلاً بانخفاض في أسعار المواد الأساسية؟ وهل انعكست هذه الأرقام “المطمئنة” على جيوب الفئات المتوسطة والفقيرة التي تعاني منذ سنوات من ضغوطات متزايدة في كلفة المعيشة؟

لا أحد ينكر أن الحكومة واجهت تحديات مركبة، من بينها تحولات دولية معقدة وسنوات جفاف متتالية، لكن، رغم ما وصفه بايتاس بـ”الإجراءات المتعددة والمكلفة”، ما يزال الشارع المغربي يشتكي من استمرار غلاء الأسعار، خاصة في ما يتعلق بالمواد الغذائية، والنقل، والسكن.

ما تكشفه تصريحات الناطق باسم الحكومة هو ميل واضح للاعتماد على الأرقام كمؤشر للنجاح، في وقت يتطلب فيه التقييم الحقيقي نظرة أعمق إلى أثر هذه السياسات على الواقع المعيشي. فرقم 0.4٪ قد يبدو مشجعاً في التقارير الاقتصادية، لكنه لا يعكس بالضرورة حجم الضيق الذي يعيشه مواطن في دوار ناءٍ لا تصل إليه حتى الإنارة العمومية، أو رب أسرة يقتني الخضر والفواكه بأسعار تقضم ثلث راتبه الشهري.

الأكثر من ذلك، لم يوضح بايتاس تفاصيل هذه الإجراءات ولا كيفية تقييم نجاعتها، بل اكتفى بالإشارة إلى أن “المجال لا يتسع للتذكير بها”، وهو ما يفتح الباب أمام مزيد من الغموض حول السياسات الفعلية المتخذة، ويفرض على الحكومة تقديم كشف دقيق وشفاف لما قامت به، مع توضيح أثر كل إجراء على الفئات المستهدفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى