عنبي لـ”إعلام تيفي”: “هوس النساء بالجسد المثالي يعكس قهراً اجتماعياً وقد يؤدي إلى الموت”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
كشف الدكتور عبد الرحمان عنبي، الباحث في علم الاجتماع، أن تنامي الإقبال على العمليات التجميلية الخطيرة مثل التكميم والشفط والتدخيم في صفوف النساء والفتيات، لا يمكن قراءته خارج سياق الضغط الاجتماعي القهري، الذي يمارس عليهن باسم الجمال والمظهر،
وأضاف ل”إعلام تيفي” أن “هذه الممارسات أصبحت في بعض الحالات تؤدي إلى موتٍ بطيء أو مفاجئ، والسبب، الرغبة في إرضاء مقاييس جمالية مفروضة من المجتمع الذكوري”.
وأوضح عنبي أن الظاهرة، وخصوصًا في منطقة سوس، تجسّد ما يسميه بـ”الهوس الاجتماعي بالجسد الممتلئ”، وهو هوس لا ينبع من اختيارات ذاتية حرة، بل من قوالب ثقافية متجذّرة، تعيد إنتاج نظرة تقليدية ذكورية للجسد الأنثوي كمجال للإغواء، مشيرًا إلى أن النساء أصبحن يشاركن عن غير وعي في هذه المنظومة، من خلال الخضوع لمعايير جمالية قاسية وخطيرة.
وأشار عنبي إلى أن العديد من الفتيات والنساء في أكادير وإنزكان، يقبلن على تناول خلطات مكوّنة من أعلاف الماشية، ومواد خطرة، بل وأدوية طبية مثل “الكورتيزون”، بهدف تسمين مناطق معينة من أجسادهن، خصوصاً الأرداف والصدر. كما تنشط في هذه التجارة نساء من دول إفريقيا جنوب الصحراء، يعرضن هذه المنتوجات الخطرة بشكل سري في الأسواق الشعبية، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تجارة الموت باسم الجمال.
وأكد عنبي أن “المرأة في هذه الحالة لا تتحكم في جسدها، بل تُشكَّل اجتماعياً وفق مقاييس لا تخدمها، بل تخدم رغبات الرجل، وهيمنة سلطته الرمزية على الجسد الأنثوي”، محذّراً من أن “ثقافة التشييء هذه تسلب المرأة إنسانيتها وتحوّلها إلى مجرد كائن جسدي خاضع لمقايضة صامتة بين الجمال والبقاء في المجال العام”.
وتوقف الباحث عند الجذور الثقافية للظاهرة، معتبرًا أن جزءاً كبيراً من هذا الهوس يعود إلى التراث الجنسي العربي، الذي مجّد البدانة وربطها بالخصوبة والجاذبية، كما هو واضح في كتاب “تحفة العروس” للنفزاوي، الذي رسخ صورة نمطية للمرأة المثالية ككائن ممتلئ، ببطون ضخمة، وفخذين ثقيلين. وأضاف عنبي: “هذه المرجعيات ما زالت تعيد إنتاج نفسها اليوم، وتتحكم في ذهنية النساء والفتيات وتدفعهن إلى تعريض حياتهن للخطر”.
وشدد المختص على أن “ما تعيشه النساء اليوم، خاصة في المناطق الشعبية، هو عبودية من نوع جديد، فيها الرجل هو السيد، والمرأة هي العبد، جسدها يُشكَّل وفق رغبته، ووجودها يُقاس بمقدار جاذبيتها”.
وأضاف: “الحل يبدأ من تحرير الجسد الأنثوي من القيود الثقافية التي جعلت من الأرداف والنهود معايير للكرامة والقبول الاجتماعي، بدل العقل والروح والمساواة”.
وفي هذا السياق، توفيت صانعة المحتوى المغربية سلمى تيبو، المعروفة بنشاطها على منصة “تيك توك”، عقب إجرائها عملية تكميم معدة في أحد المصحات التركية، وذلك في محاولة منها لإنقاص وزنها.
وأفادت عائلة سلمى وصديقاتها بأن السبب الرئيسي وراء اتخاذها قرار العملية يعود إلى تعرضها اليومي للتنمر والإساءات اللفظية حول وزنها عبر التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما شكل ضغطا نفسيا كبيرا عليها ودفعها للبحث عن حلول جذرية لمسألة الوزن