
إعلام تيفي
يجد العديد من المغاربة، أنفسهم عاجزين عن قضاء عطلتهم داخل بلدهم، نظرا الارتفاع الذي يطال تكاليف السفر والإقامة خلال فصل الصيف، في وقت أصبحت فيه وجهات أوروبية كإسبانيا والبرتغال أكثر جاذبية من حيث السعر والجودة.
هذه المفارقة تثير تساؤلات حول عدالة الولوج إلى الحق في الترفيه، وتضع سياسات السياحة الوطنية تحت المجهر.
تشهد أسعار الفنادق في مدن مغربية سياحية مثل أكادير وطنجة ومراكش ارتفاعًا ملحوظًا، حيث قد تتجاوز كلفة الليلة الواحدة 1200 إلى 1500 درهم، غالبًا دون ضمان الجودة. بالمقابل، يؤكد العديد من المغاربة المقيمين بالخارج وحتى المحليين أن بإمكانهم حجز إقامات أنظف وأفضل تجهيزًا في أوروبا بأسعار مماثلة أو أقل.
وحسب رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات المستهلك (FNAC)، وديع مديح، فإن الارتفاع غير المبرر في الأسعار لا يشمل فقط الفنادق، بل يمتد ليشمل النقل والمطاعم والأنشطة الترفيهية. ويصف هذا الوضع بـ”البارادوكس المقلق”، مشيرًا إلى أن المغرب بلد غني بمؤهلاته الطبيعية والثقافية، لكن قطاعه السياحي لا يزال بعيدًا عن تلبية احتياجات مواطنيه.
وأضاف أن السياحة ينبغي ألا تكون امتيازًا للنخب، بل حقًا لكل الفئات، داعيًا إلى تدخل حكومي عاجل لفرض ضوابط على الأسعار، وضمان استفادة المواطنين من عطلتهم داخل وطنهم، كما حدث سنة 2021 حين أدت تدخلات ملكية إلى تخفيض أسعار الرحلات الجوية بشكل ملحوظ.
في المقابل، يدافع بعض المهنيين عن الأسعار المرتفعة بدعوى قانون العرض والطلب. ويؤكد الخبير السياحي أمل كاريون أن مشكل التكاليف المرتفعة في الصيف مرده ضعف ثقافة التخطيط المبكر لدى السياح المحليين، مقارنة بالأوروبيين الذين يحجزون رحلاتهم منذ شهور. ويعتبر أن قضاء العطلة في سبتمبر أو أكتوبر قد يكون أقل كلفة بكثير من ذروة الصيف.
فيما تظل بعض الأصوات داخل القطاع السياحي تتحدث عن وجود عروض تلائم مختلف الميزانيات، إلا أن تمركز الإقبال في شهري يوليوز وغشت يخلق ضغطًا يؤدي إلى قفزات كبيرة في الأسعار.
أما على مستوى النقل الجوي والبحري، فتوجه الانتقادات إلى شركات مثل الخطوط الملكية المغربية بسبب رفعها الكبير للأسعار خلال الصيف، ما يدفع عددًا من أفراد الجالية المغربية إلى تقليص مدة زيارتهم أو تجنب القدوم أصلاً. وقد دعت FNAC ومجتمع المستهلكين الحكومة ومجلس المنافسة إلى فرض آلية دائمة لتسقيف الأسعار، على غرار التدخلات الموسمية السابقة.
في المجما، يكشف هذا الوضع عن خلل هيكلي في السياسة السياحية الوطنية، التي تركز على استقطاب الزوار الأجانب وتغفل في المقابل حاجيات السياح المحليين. وإذا كان المغرب يراهن على السياحة كقاطرة تنموية، فإن تجاهل مواطنيه في هذا الرهان قد يكون خطأ استراتيجياً يصعب تداركه مستقبلاً.





