التومي ل”إعلام تيفي”: “الجفاف والتهريب وكسر الدورة البيئية وراء غلاء السمك”

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

أكد حمزة التومي، رئيس “اتحاد تعاونيات أسماك موانئ الصحراء”، أن الجفاف الممتد لسنوات في المناطق الجنوبية يلعب دورًا رئيسيًا في ارتفاع أسعار السمك، مشيرًا إلى أن “الناس لا تفهم أن الجفاف يؤثر بشكل مباشر على الثروة السمكية، فعدّة أحياء بحرية تعتمد في تغذيتها على المياه الحلوة التي تأتي من الوديان، ومع غياب هذه المياه، تتأثر بيئتها وتكاثرها”.

وأوضح التومي ل”إعلام تيفي” أن المصايد الكبرى التي كانت تؤمن حاجيات السوق الوطنية، خصوصًا المصايد الجنوبية مثل سطوك Z وB، أصبحت تعاني من ضغط شديد نتيجة تزايد عدد المراكب بشكل يفوق القدرة الطبيعية للبحر، إضافة إلى ممارسات وصفها بـ”غير أخلاقية”، من قبيل استعمال أدوات صيد ممنوعة وتهريب الأسماك.

وكشف المتحدث أن القطاع يعيش خللًا عميقًا على مستوى التوازن بين عدد المراكب النشيطة في البحر من جهة، وعدد المصانع وحجم الطلب الاستهلاكي من جهة أخرى، قائلا: “نعاني من ندرة حقيقية في الثروة السمكية مقابل وفرة في اليد العاملة، وهذا يخلق اختلالا بنيويا”.

وأضاف التومي أن من بين عوامل ارتفاع الأسعار أيضًا دور السماسرة والوسطاء الموسميين، والذين يتجهون إلى تجارة السمك في مناسبات معينة كرمضان، دون أن تكون لهم دراية بالمهنة، وهو ما يزيد من تعقيد مسار التسويق والبيع، مضيفًا: “كنا طالبنا منذ سنوات بتنظيم هذا المجال، لكن المهن الموسمية خلقتها الحاجة”.

وشدد على أن ثمن السمك لا يخضع لتسعيرة مستقرة كما هو الحال مع بعض المواد، بل تحكمه قاعدة العرض والطلب، مضيفا: “العرض قليل والطلب كثير، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع الأسعار، كما أن طريقة البيع بالمزاد العلني تدفع التجار للمزايدة، بعكس ما كان سابقًا حيث كان التاجر المهني يحمي المنتوج”.

الراحة البيولوجية – aljiha24- جريدة إلكترونية

وتحدث التومي عن أثر ارتفاع ثمن المحروقات على تكلفة تسويق السمك، قائلاً: “بمجرد شراء صندوق سمك بـ40 درهم في المزاد، تُضاف إليه مصاريف النقل، واليد العاملة، والمحروقات، وكلها ترفع السعر قبل أن يصل إلى السوق”.

وأشار إلى أن هناك مفارقة جغرافية في أسعار السمك، فرغم أن مدنًا مثل العيون والداخلة قريبة من مناطق الإنتاج، إلا أن الأسعار فيها مرتفعة جدًا مقارنة بمناطق داخلية مثل بني ملال أو الدار البيضاء، والسبب – حسب التومي – أن حجم الاستهلاك المحلي في بعض المدن يدفع الأسعار إلى الأعلى.

وفي تحليله للوضع البيولوجي، كشف التومي عن “تدهور مقلق في الثروة السمكية بسبب كسر الدورة البيئية للأسماك، نتيجة الصيد الجائر واستهداف أسماك السردين التي تعتبر غذاء رئيسيًا لأنواع أخرى”. وأضاف أن مخطط “مصيدة التهيئة” الذي أطلقته وزارة الصيد سنة 2004 يقتصر فقط على الأخطبوط في جنوب بوجدور، داعيًا إلى تعميم هذا النوع من التدبير البيولوجي على باقي المناطق وخاصة في الشمال، لحماية ما تبقى من الثروة السمكية.

واعتبر التومي أن “أساليب الصيد المدمرة، وتجاهل فترات الراحة البيولوجية، والتهريب، والتدخل البشري غير المنظم في البحر، كلها ساهمت في إحداث خلل حقيقي في المصائد وتهديد استدامة قطاع الصيد برمته”.

ودعا إلى مراجعة شاملة للمنظومة، تجمع بين حماية البيئة البحرية وتنظيم سلاسل التوزيع ومحاربة التهريب، من أجل ضمان استقرار الأسعار وتأمين الأمن الغذائي البحري في المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى