بين الطموح الاجتماعي وسياسات التقشف.. نادية فتاح تكشف معالم مشروع قانون المالية لسنة 2026

حسين العياشي

كشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، عن الإطار العام لمشروع قانون المالية للسنة القادمة، في جلسة مشتركة بين لجنتي المالية بكل من محلسي النواب والمستشارين، يومه الخميس 24 يوليوز 2025.

أكدت خلالها الوزيرة، على كون البرمجة الميزانياتية الثلاثية المقبلة ليست مجرد تمرين تقني، بل رهان استراتيجي يروم تمويل الأوراش الكبرى، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية، والسير قُدما في مسار إصلاحات جوهرية تهم الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية، والسكن، والبنيات التحتية، دون المساس باستقرار مؤشرات الاقتصاد الوطني.

وأوضحت الوزيرة أن البرمجة الجديدة تنسجم مع الدينامية العامة التي يشهدها المغرب، وتترجم إرادة حكومية واضحة في مواصلة بناء نموذج تنموي أكثر عدالة واندماجاً. ومن بين الأولويات التي تصدّرت الوثيقة: استكمال ورش تعميم الحماية الاجتماعية، إصلاح المنظومة الصحية، توسيع ولوج الأطفال إلى التعليم الأولي، دعم برنامج “مدارس النجاح”، إلى جانب تعزيز برنامج الدعم المباشر للسكن الذي أطلقته الحكومة مؤخراً.

وفي الشق المتعلق بالبنيات التحتية، كشفت الوزيرة أن التركيز سيتجه نحو تسريع مشاريع الماء، الكهرباء، النقل، الفلاحة، السياحة، الطاقات المتجددة، والتنمية القروية، ما يعكس البُعد المندمج لهذا التصور المالي الذي لا يقتصر على الجانب الاجتماعي، بل يشمل كذلك تهيئة الأرضية الاقتصادية والتنموية اللازمة.

كما تم اعتماد عدد من الفرضيات الماكرو-اقتصادية، من ضمنها إنتاج حبوب يُقدّر بـ70 مليون قنطار، سعر نفط في حدود 65 دولاراً للبرميل، وسعر غاز البوتان في حدود 500 دولار للطن، مع نسبة تضخم لا تتجاوز 2%.

أما بخصوص النمو الاقتصادي، تتوقع الحكومة الحفاظ على معدل 4.5% في 2026، وهي نفس النسبة المرتقبة لعام 2025، مدفوعة أساساً بأداء جيد للأنشطة غير الفلاحية.

لكن الوزيرة فتاح لم تُخفِ في عرضها أن هذه التوقعات تبقى رهينة بالسياق الدولي، خاصة تطورات الاقتصاد الأوروبي، والتوترات الجيوسياسية، فضلاً عن أثر التغيرات المناخية على المواسم الفلاحية.

وفي ما يتعلق بالعجز المالي، التزمت الحكومة بخفضه تدريجياً إلى 3% من الناتج الداخلي الخام في أفق 2028، بعدما بلغ 3.5% في قانون مالية 2025. كما تسعى إلى تقليص نسبة المديونية إلى 64% من الناتج الداخلي الخام، مقابل 67.7% حالياً، وهو ما سيُعيد للدولة جزءاً من هامشها المالي ويوفر إمكانيات أكبر للتدخل عند الحاجة.

الوزيرة أشادت أيضاً بصلابة الاقتصاد الوطني، معتبرة أن مرونة المالية العمومية واستمرار الاستثمار العمومي، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص، يشكلان ركائز رئيسية لصمود الاقتصاد المغربي، رغم الظرفية الدولية المتقلبة.

من جهته، أكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن تحقيق نسبة نمو بـ4.5% للسنة الثالثة على التوالي يعكس تحسن الأداء الاقتصادي الوطني، ويُعبّر عن ثقة الحكومة في خياراتها التنموية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى