لمراوي ل”إعلام تيفي”: “العفو الملكي يُجسّد البعد الإنساني ويواكب إصلاح السياسة الجنائية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر

أكد الباحث في العلوم السياسية بلال لمراوي، أن العفو الملكي الذي أصدره جلالة الملك محمد السادس نصره الله بهذه المناسبة، يُجسّد بوضوح الحس الإنساني الرفيع الذي يميز جلالته في تعامله مع فئة السجناء، باعتبارهم أفرادًا يستحقون فرصة ثانية لإعادة إدماجهم داخل المجتمع وتصحيح مسارهم.

وأوضح لمراوي ل”إعلام تيفي” أن العفو الملكي يُعد حقًا سياديًا منصوصًا عليه في الفصل 58 من الدستور، ويُمارس في إطار تقدير سامٍ للمصلحة العامة مع احترام تام لاستقلال السلطة القضائية.

وأشار إلى أن هذه المبادرة تتقاطع مع البُعد الحقوقي والاجتماعي والإنساني، لاسيما حين تشمل فئات هشة أو تعاني من ظروف استثنائية.

وشدد المتحدث على أن عفو هذه السنة لا يمكن عزله عن الدينامية التشريعية التي يعرفها المغرب، خصوصًا مع دخول قانون العقوبات البديلة رقم 43.22 حيّز التنفيذ، وهو ما اعتبره تحوّلاً نوعيًا في فلسفة التجريم والعقاب، حيث لم تعد العقوبات السالبة للحرية الحل الوحيد، خاصة في ما يتعلق بالجنح البسيطة والحالات الاجتماعية الخاصة.

واعتبر أن العفو الملكي يُسهم بفعالية في التخفيف من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية، وهي معضلة مستمرة تفرض أعباءً مادية وبشرية على الدولة، مؤكدًا أن هذه السياسة تُعد وسيلة عقلانية لترشيد تدبير العقوبات وتعزيز البدائل التربوية والإدماجية.

وتابع أن هذا العفو لا يكتفي ببُعده الإنساني فقط، بل يخلق أيضًا مناخًا انضباطيًا داخل السجون، حيث يصبح السجناء أكثر التزامًا بالقوانين الداخلية وبرامج التأهيل، أملًا في أن يكونوا ضمن المستفيدين من هذا الامتياز السيادي، وهو ما يُيسّر من عمل الإدارة السجنية ويُعزز مناخ الإصلاح وإعادة الإدماج.

وأكد على أن العفو الملكي يُمثّل أداة فعالة لتقويم السياسات الجنائية ورافعة حقوقية حقيقية، داعيًا إلى مواكبة هذا التوجه بإصلاحات مؤسساتية وتشريعية تجعل من الكرامة الإنسانية محورًا للعدالة الجنائية وتعزز ثقة المواطن في القانون.

وتكتسي مبادرة العفو بمناسبة عيد العرش طابعًا رمزيًا خاصًا، حيث ترتبط بذكرى وطنية عزيزة تُجسد عمق العلاقة بين الملك والشعب، وتحمل رسائل التسامح والصفح وفتح آفاق جديدة أمام من أبانوا عن حسن السلوك داخل المؤسسات السجنية.

ويُعد العفو الملكي مؤسسة دستورية وسياسية راسخة في المغرب، تُمارس كامتياز سيادي لجلالة الملك، غير قابل للطعن أو المراجعة، لكنه مؤطر قانونيًا من حيث المسطرة، ويخضع لانتقاء دقيق من قبل لجان متخصصة تدرس ملفات المستفيدين وفق معايير صارمة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى