لبنى نجيب ل”إعلام تيفي”: شركة حراسة بأجر تحت القانون ومقر وهمي.. والسلطات تتفرج!!

حسين العياشي

تتصاعد موجة من الغضب والاستياء في صفوف حرّاس الأمن الخاص، وسط مؤسسات التعليم العمومي بالمحمدية، بعد أن تفجرت فضيحة عقود شغل وصفت بغير القانونية، فرضتها شركتان فازتا بصفقة الحراسة على مستوى الإقليم، ويتعلق الأمر بكل من HMA GUARD SARL، المكلفة بتأمين الإعداديات والثانويات، وGUARDIUM GLOBAL SARL، التي أوكلت لها مهمة حراسة المدارس الابتدائية.

القضية تعود إلى الأسابيع الأخيرة، حيث شرعت الشركتان في إلزام العمال بالتوقيع على عقود عمل تُحدد الأجر الشهري في 2200 درهم فقط، في خرق صريح للحد الأدنى للأجور الذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير 2025، والذي حدده المرسوم الحكومي في 3266 درهمًا. وبالإضافة إلى هذا التجاوز، أفادت مصادر نقابية أن الشركة لجأت إلى أساليب التهديد والتضييق في حق العمال، خاصة أولئك الذين رفضوا الرضوخ لتوقيع العقود، ما فجر موجة من الاحتقان داخل القطاع.

وفي هذا السياق، استنكرت لبنى نجيب، الكاتبة العامة للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريحها ل“إعلام تيفي”، ما يقع بإقليم المحمدية، معتبرة إياه “جريمة اجتماعية مكتملة الأركان، تمارس فيها شركتان متعاقدتان مع الوزارة الوصية، كل أشكال الاستغلال في حق فئة هشّة تُشتغل وسط صمت مؤسساتي، دون حماية قانونية فعلية”. مضيفة أن الشركتان هما في الأصل يتبعان لنفس الجهة.

من جهة ثانية، أوضحت نجيب أن حراس الأمن الخاص فاجَأوا بما اعتبروه تهكما مارسته عليهم الشركة المشغلة، بغية فرض توقيع عقد عمل غير قانوني، يضرب في العمق مقتضيات مدونة الشغل، ويضرب عرض الحائط الحد الأدنى للأجر القانوني، بل ويضرب حتى كرامتهم.

وأشارت المسؤولة النقابية إلى أن الشركة مارست ضغطًا نفسيًا كبيرًا على العمال، عبر التهديد بالحرمان من الأجور الشهرية، أو التنقيل والطرد، في حال الامتناع عن التوقيع، مبرزة أن هذه الأساليب الترهيبية تُجسد عقلية استغلالية بشعة، لا تراعي السياق الاجتماعي ولا التضحيات اليومية التي يقدمها أعوان الحراسة في المؤسسات التعليمية، والذين يشتغلون لساعات طويلة في ظروف قاسية مقابل أجور لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفي تطور خطير يُعري واقع التلاعب والالتفاف على القانون، كشفت لبنى نجيب أن الشركة المعنية تصرح بعنوان وهمي، موضحة أن النقابيين، حين حاولوا التحقق من مقر الشركة، تفاجؤوا بأن العنوان يعود فعليًا لمقر شركة أخرى تشتغل في مجال مختلف تمامًا، ولا علاقة لها بقطاع الحراسة الخاصة.
واعتبرت نجيب أن هذه المعطيات تطرح تساؤلات جوهرية حول قانونية الترخيص، وكيفية فوز الشركة بالصفقة، ومدى احترامها لدفتر التحملات، خاصة عندما يتعذر حتى التحقق من مقرها الفعلي”.

وفي السياق ذاته، نبّهت إلى محاولة مفضوحة للتدخل في اختيارات العمال النقابية، حيث أكدت أن الشركة المعنية تضغط على المستخدمين للانخراط في نقابة أخرى، تضع المتتبع أمام شكوك وجود مصالح مشتركة تجمعها مع إدارة الشركة، هذا الأسلوب الذي وصفته الكاتبة العامة، غير أخلاقي يسعى إلى نسف العمل النقابي المستقل، وتكميم أفواه من يرفضون الخضوع لهذا الابتزاز الممنهج.

كما اعتبرت نجيب، أن ما يجري فضيحة صامتة تتطلب تحركًا سريعًا من السلطات الإقليمية والمركزية، خاصة وزارة التربية الوطنية التي فوضت الصفقة، معتبرة أن الدولة لا يمكن أن تتغاضى عن مثل هذه الممارسات، التي تُمارس باسمها، ومن قبل شركات استفادت من المال العام في إطار صفقة عمومية يفترض أن تخضع للرقابة والمحاسبة.

وشددت الكاتبة العامة على أن النقابة ترفض أي تواطؤ أو صمت على هذا الخرق السافر للقانون، وتعتبر أن حماية الحقوق الأساسية لعمال الحراسة لا تندرج فقط ضمن المطالب النقابية، بل تُعد مسؤولية وطنية تتعلق بتكريس العدالة الاجتماعية، وضمان الحد الأدنى من الكرامة لهؤلاء الذين يسهرون على أمن مؤسساتنا التعليمية.

لبنى نجيب، تؤكد على أن النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ “لن تقف مكتوفة الأيدي”، وأنها ستسلك كل المساطر القانونية، وستلجأ إلى كل أشكال الضغط المشروعة، بما في ذلك الترافع النقابي والتصعيد الميداني، دفاعًا عن حق العامل في عقد قانوني، وأجر كريم، وكرامة مصونة.

وفي ظل تصاعد وتيرة الخروقات التي تطال أعوان الحراسة والنظافة والطبخ في عدد من المؤسسات العمومية، أعلنت النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن عقد مجلسها الوطني خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك في خطوة تنظيمية تهدف إلى تقييم الوضع الميداني، ورسم خارطة طريق نضالية موحدة لمواجهة التحديات التي تطرحها هذه الاختلالات المتكررة في القطاع.

وسيُخصص هذا المجلس الوطني، بحسب مصادر نقابية، لتدارس أشكال التصعيد الممكنة، ووضع خطة تحرك شاملة على المستويين القانوني والميداني، من أجل وقف نزيف الاستغلال، والدفع نحو مراجعة شاملة لمنظومة التدبير المفوّض في قطاع الحراسة والنظافة داخل المرافق العمومية، مع التأكيد على ضرورة إلزام الشركات المتعاقدة باحترام القوانين الاجتماعية، وصيانة حقوق وكرامة العاملات والعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى