انتخابات 2026: مفاتيح الحكومة موزعة بين ستة أحزاب وسط خريطة سياسية متشتة (دراسة)

حسين العياشي
كشف مركز المؤشر للدراسات والأبحاث، في دراسة تحليلية جديدة تحت عنوان “من الانحباس السياسي إلى سيناريوهات ما بعد 2026″، أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستفرز مشهدًا سياسيًا مغربيًا أكثر تشتتًا وتوازنًا بين القوى الكبرى، مع تراجع فرص أي حزب في حصد أغلبية مريحة، خلافًا لما عرفته استحقاقات 2011 و2021.
ووفق الدراسة، فإن التحولات الراهنة لا تعكس فقط إعادة توزيع موازين القوى بين الأحزاب، بل أيضًا تغيرًا في سلوك الناخب المغربي، الذي بات يتعامل مع الأحزاب بمنطق الفرصة لا الولاء، ما يزيد من تعقيد التوقعات ويجعل مفاتيح تشكيل الحكومة موزعة بين خمسة أو ستة أحزاب رئيسية.
تتوقع القراءة أن يعرف حزب التجمع الوطني للأحرار، المتصدر لانتخابات 2021، تراجعًا في حصيلته إلى ما بين 60 و75 مقعدًا، نتيجة تآكل الثقة في أدائه الحكومي، خاصة على المستوى الاجتماعي والمعيشي، رغم احتفاظه بموقع متقدم يجعله عنصرًا محوريًا في أي تحالف حكومي.
بفضل انتشاره الجغرافي ومرونته في بناء التحالفات، يتوقع أن يحافظ حزب الأصالة والمعاصرة على موقعه ضمن الثلاثة الأوائل، بحصيلة تتراوح بين 65 و75 مقعدًا، مما يعزز حضوره كطرف أساسي في أي معادلة حكومية.
من جهة ثانية، يرى مركز المؤشر أن حزب الاستقلال، يعيش مرحلة مفصلية بين الحفاظ على إرثه السياسي وتجديد خطابه وتأهيل نخبته. ووفق السيناريو المرجح، قد يحصل الحزب على 55 إلى 65 مقعدًا، في تراجع نسبي مقارنة بـ2021، لكنه سيظل في دائرة القوى المؤثرة برلمانيًا.
أما حزب العدالة والتنمية، من المتوقع أن يستعيد جزءًا من توازنه، بعد التراجع الحاد في 2021، مستفيدًا من قاعدة أنصاره ومن سردية “المظلومية السياسية”. الدراسة ترجح حصوله على 40–50 مقعدًا، ما يمنحه وزنًا تفاوضيًا مهمًا، رغم بعده عن موقع الصدارة.
كما تتوقع القراءة أن يرفع الاتحاد الاشتراكي حصيلته إلى 35–45 مقعدًا إذا واصل خطه المعارض وحضوره الاجتماعي. أما التقدم والاشتراكية فقد يحقق بين 20 و35 مقعدًا، إذا حافظ على ممارسة المعارضة النقدية واستثمر في حضوره المجالي.
من جهتها، ترجح الدراسة أن يتراجع تمثيل الأحزاب الصغيرة والمستقلين، في ظل الاستقطاب بين القوى الكبرى، لتبقى حصتهم بين 20 و25 مقعدًا في أفضل السيناريوهات.
في المحصلة، تشير قراءة مركز المؤشر للدراسات والأبحاث إلى أن انتخابات 2026 لن تفرز غالبًا فائزًا مطلقًا، على غير العادة، بل برلمانًا متعدد الأقطاب، حيث تتوزع مفاتيح تشكيل الحكومة بين ستة أحزاب كبرى، في مشهد سياسي أكثر تشتتًا وتوازنًا مما عرفته الاستحقاقات السابقة. هذا الواقع يضع الفاعلين السياسيين أمام اختبار صعب لبناء تحالفات متينة، قادرة على تجاوز الانحباس السياسي، والاستجابة لانتظارات المواطنين التي باتت أكثر إلحاحًا وتطلبًا من أي وقت مضى.