تقرير: الشباب المغربي بين البطالة وسياسة التقشف.. أزمة متنامية وفرص محدودة

حسين العياشي

في ظل دعوات رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لاعتماد سياسة تقشفية وتقليص فرص الولوج إلى الوظيفة العمومية، يبدو الشباب المغربي أكثر عرضة لتحديات سوق العمل المتفاقمة. تقرير حديث للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بعنوان “وضعية الشباب بالمغرب”، يؤكد أن البطالة تمثل العقبة الأبرز أمام فئة الشباب، مؤثرة على استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي، رغم وزنهم الديمغرافي الكبير.

تشير البيانات إلى أن معدل البطالة يظل مرتفعًا بشكل خاص بين الفئة العمرية 15 إلى 24 سنة، حيث تراوح بين 35.8% و36.7% خلال الفترة من فبراير إلى غشت 2025، فيما يعاني حاملو الشهادات العليا من نسب بطالة تصل إلى 19.6% في فبراير، وقد ترتفع إلى نحو 40% في بعض المناطق خلال يوليوز. ويضيف التقرير أن 67% من الشباب العاملين ينشطون في القطاع غير المهيكل، الذي يوفر فرصًا بديلة لكنه يفتقر إلى الحماية الاجتماعية وشروط العمل اللائق، ما يزيد من هشاشة الوضع المهني للشباب.

في هذا السياق، يظهر أن المغرب يحتاج سنويًا إلى حوالي 240 ألف منصب شغل، بينما يصل عدد الوافدين الجدد على سوق العمل إلى 350 ألف شاب، ما يفاقم الضغط على فرص التشغيل ويجعل سياسات التقشف الحكومية أكثر تأثيرًا على فئة الشباب، ويزيد من فجوة الطلب على الوظائف الرسمية.

التقرير أشار كذلك إلى ضعف فعالية برامج دعم المقاولات الشبابية، إذ لم تحقق أهدافها المرجوة بسبب ضعف المواكبة بعد التمويل، وتعقيد المساطر، وغياب التكوينات الملائمة للقطاعات الاقتصادية، فضلاً عن تركيز الدعم في المدن الكبرى وإقصاء المناطق القروية، ما يتطلب إعادة تصميم هذه البرامج على أسس أكثر شمولًا وعدالة.

وفي ظل هذه المعطيات، تبدو خطوة وزارة التعليم العالي بإلغاء المباريات الكتابية والشفوية للولوج إلى سلك الماستر، والاعتماد على الانتقاء المبني على النقاط والمعدلات فقط، بمثابة محاولة لتخفيف حدة المنافسة على الوظائف الأكاديمية وضمان شفافية أكبر، بحسب عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالمحمدية. وتشمل الإصلاحات زيادة عدد المقبولين في الماسترات مع الحفاظ على مجانية الالتحاق، وتشكيل لجان انتقاء محايدة تضم عمداء المؤسسات ومنسقي المسالك، لضمان حياد القرارات وتقليص فرص التدخل المباشر للأساتذة.

بين البطالة المتصاعدة، وضغوط السوق غير الرسمي، وبرامج الدعم المحدودة، وبين الإصلاحات الأكاديمية المقصودة لحماية الطلاب، يظل الشباب المغربي أمام مفترق طرق صعب. فبين السياسة التقشفية الحكومية والفرص الاقتصادية المحدودة، تبدو الحاجة اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى إلى حلول شاملة تضمن عملًا لائقًا، حماية اجتماعية، وتخطيطًا اقتصاديًا متوافقًا مع طموحات هذه الفئة الحيوية من المجتمع، التي تشكل مستقبل المغرب وأساس نموه الاجتماعي والاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى