مركز المؤشر يدعو إلى إخراج الانتخابات من “إشراف الداخلية” وتوسيع مشاركة الشباب

حسين العياشي
مع اقتراب انتهاء المهلة التي منحها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت للأحزاب السياسية لتقديم مقترحاتها بشأن مراجعة القوانين المنظمة للانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026، أصدر مركز المؤشر للدراسات والأبحاث ورقة بحثية تدعو إلى إعادة النظر في البنية القانونية والمؤسساتية المؤطرة للاستحقاقات المقبلة. وفي صلب هذه الرؤية الإصلاحية، يأتي مطلب إخراج الإشراف على الانتخابات من “قبضة وزارة الداخلية” وإسناده إلى هيئة وطنية مستقلة.
الوثيقة، التي أعدتها لجنة العلوم القانونية والسياسية بالمركز برئاسة الدكتور محسن الأجرومي، أكدت أن التجربة الانتخابية المغربية أظهرت الحاجة الملحة إلى فصل الدور التقني واللوجستي للداخلية عن مهام الإشراف والرقابة السياسية والتنظيمية. وتقترح الورقة إحداث مؤسسة وطنية تضم قضاة وأكاديميين وخبراء وممثلين عن المجتمع المدني، تكون مهمتها ضمان نزاهة العملية الانتخابية، ورصد الخروقات، وإصدار تقارير علنية للرأي العام.
وتشمل التوصيات أيضًا، توسيع صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مراقبة الاستحقاقات، وفتح الباب أمام المراقبة الدولية، وتجريم أي تدخل سياسي لأعوان السلطة، وإطلاق خطوط ساخنة ومنصات إلكترونية للتبليغ عن التجاوزات، بهدف تعزيز الشفافية واستعادة ثقة الناخبين.
الدراسة، لم تغفل أعطاب النظام الانتخابي الحالي، ولا سيما اللوائح الجهوية التي كان من المفترض أن تتيح للشباب والنساء ولوج البرلمان، لكنها تحولت في الممارسة إلى مقاعد شبه محصورة للنساء مع إقصاء شبه كامل للشباب. وقد اقترحت الورقة تخصيص 90 مقعدًا للنساء و30 مقعدًا للشباب ضمن لوائح جهوية مستقلة، مع وضع معايير دقيقة للترشح تكسر منطق الريع الحزبي.
كما شددت الرؤية الإصلاحية على إدخال معايير الكفاءة والتأهيل العلمي للترشح، باشتراط شهادة البكالوريا لمجالس النواب والجهات، والشهادة الابتدائية للجماعات المحلية، إلى جانب فرض كوطا بنسبة 20% داخل الأحزاب لوكلاء لوائح من الشباب دون 35 سنة ممن يحملون شهادة الماجستير أو ما يعادلها.
وفي ما يتعلق بالنزاهة، دعت الورقة إلى منع الترشح على كل من صدرت بحقهم إدانات قضائية أو تقارير رقابية مرتبطة بالفساد، مع حرمان من ثبت استعمالهم للمال أو النفوذ من الترشح لدورتين متتاليتين على الأقل، وتشديد العقوبات المتعلقة بالجرائم الانتخابية.
أما بخصوص التسجيل في اللوائح الانتخابية، فقد انتقدت الدراسة النظام الحالي الذي يعتمد على التسجيل الطوعي، معتبرة أنه يحرم فئات واسعة من حقها في التصويت، خصوصًا في الأوساط القروية والجامعية. وتقترح اعتماد التسجيل التلقائي عبر البطاقة الوطنية وسجلات الحالة المدنية، مع إدماج الرقمنة لتسهيل المشاركة.
وأخيرًا، طرحت الورقة إمكانية إدخال التصويت الإلكتروني بشكل تجريبي، وإتاحة التصويت المبكر لفئات معينة، وتمكين مغاربة العالم من المشاركة بسهولة أكبر، بما يعزز نسب المشاركة ويواكب التحولات الرقمية.