المغرب يكرّس ريادته الإفريقية في الطاقات المتجددة: رؤية ملكية تحظى بإشادة دولية في نيودلهي

حسين العياشي
أخذت التجربة المغربية في مجال الانتقال الطاقي موقعها البارز على منصة دولية خلال أشغال الدورة العشرين من الملتقى الاقتصادي الهندي-الإفريقي المنعقدة في نيودلهي، حيث أثارت الرؤية الاستباقية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس منذ سنة 2009 إعجاب المشاركين، واعتُبرت نموذجاً رائداً يحتذى به في القارة الإفريقية وخارجها.
في جلسة عامة بعنوان “مستقبل الطاقة: نحو حلول مستدامة ونظيفة”، شدد محمد أوحمد، الكاتب العام لقطاع الانتقال الطاقي، على أن المغرب اختار مبكراً الانخراط في استراتيجية طموحة، تقوم على الاستثمار في الشمس والرياح والمياه، بهدف بلوغ 52% من الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي الوطني بحلول سنة 2030. وأبرز أن المشاريع العملاقة، مثل مجمع نور ورزازات و15 محطة ريحية موزعة على جهات المملكة، جعلت المغرب يقترب اليوم من نسبة 40%، متقدماً بفارق كبير على معظم دول المنطقة.
ولم تمر هذه المعطيات دون صدى في القاعة؛ فقد وصف الخبير الهندي في السياسات الطاقية، الدكتور راجيف كومار، التجربة المغربية بأنها “حالة فريدة في العالم النامي”، مؤكداً أن “المغرب أثبت أن الإرادة السياسية يمكن أن تختصر عقوداً من التأخر وتفتح المجال أمام ثورة طاقية حقيقية”. وأضاف أن الهند ترى في المغرب شريكاً أساسياً في تبادل الخبرات حول الطاقات الشمسية، خاصة وأن البلدين ينتميان لتحالف الطاقة الشمسية الدولي.
من جهته، اعتبر الخبير النيجيري في قضايا المناخ، إيمانويل أديبانجو، أن المغرب يقدم نموذجاً إلهامياً لإفريقيا جنوب الصحراء، قائلاً: “بينما ما تزال العديد من الدول الإفريقية تبحث عن حلول لتأمين حاجياتها من الكهرباء، اختار المغرب أن يستثمر في المستقبل، والنتيجة أنه اليوم جاهز لتصدير الطاقة النظيفة وحتى الهيدروجين الأخضر نحو أوروبا”.
أما الخبيرة الجنوب إفريقية نومسا دلاميني، المتخصصة في الاقتصاد الأخضر، فقد ركزت على البعد الاجتماعي للتجربة المغربية، مشيرة إلى أن “المغرب لم يحصر الانتقال الطاقي في بعده البيئي أو الاقتصادي فحسب، بل جعله أداة لإحداث فرص شغل جديدة، ونقل التكنولوجيا، وتحفيز جيل جديد من المقاولات الناشئة في الطاقات النظيفة”.
وبهذا التفاعل الدولي الإيجابي، يتأكد أن الرؤية الملكية لم تجعل من الانتقال الطاقي مجرد ورش وطني، بل حولته إلى رسالة إقليمية ودولية، تستجيب للتحديات المناخية وتساهم في ترسيخ موقع المغرب كجسر للتعاون جنوب-جنوب وشمال-جنوب. كما تعزز مكانة المملكة كفاعل استراتيجي في سلاسل التوريد العالمية المرتبطة بالطاقات النظيفة.