إصلاح التعليم العالي يشعل الغضب وسط تهديدات بالإضراب مع بداية الموسم الجامعي

حسين العياشي
شهدت الساحة الجامعية المغربية جدلاً محتدماً عقب مصادقة المجلس الحكومي، الخميس 28 غشت الجاري، على مشروع القانون 59.24 المتعلق بإصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، الذي قدمه الوزير الوصي عز الدين الميداوي. الإصلاح الجديد، المنبثق عن مقتضيات القانون الإطار 51.17، يروم إعادة هيكلة القطاع وتعزيز دوره في تكوين الرأسمال البشري ومواكبة الأوراش الاستراتيجية الكبرى للبلاد. غير أن هذه الخطوة، التي قدمها الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس كـ”محاولة لتدعيم موقع الجامعة المغربية في خدمة التنمية الوطنية”، قوبلت بانتقادات حادة من منظمات طلابية وهيئات نقابية، رأت فيها تراجعاً عن مكتسبات سابقة ومؤشراً على توجه متزايد نحو خصخصة التعليم العالي.
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، واللجنة الوطنية لطلبة الطب، والتنسيقية الوطنية لطلبة المدارس الوطنية للمهندسين، أعلنت في بيان مشترك رفضها لما وصفته بـ”المنهجية الأحادية” التي طبعت إعداد المشروع. المنظمات الطلابية نددت بتغييب مقتضيات أساسية كانت تتيح لهم الحق في التنظيم عبر مكاتب وجمعيات تمثيلية، معتبرة أن حذف المواد 71 و72 و73 التي كانت مضمنة في القانون 01.00 يمثل “مساساً خطيراً بالحق في التنظيم والدفاع عن مصالح الطلبة”، خاصة في ظل دستور 2011 الذي يضمن حرية التعبير والتنظيم والعمل الجمعوي.
على الضفة الأخرى، لم يتأخر صدى الاحتجاج ليصل إلى صفوف الأساتذة الباحثين. تيار تقدمي داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي (SNE-Sup) اعتبر أن المشروع، بصيغته الحالية، “يضرب في العمق روح الجامعة العمومية ويكرس تبعيتها الإدارية”، ملوحاً بخيار التصعيد والإضراب. وانتقد الأساتذة غياب مقاربة تشاركية في إعداد النص، والظرفية الصيفية التي اختيرت لتمريره، معتبرين أن الأمر يعكس رغبة في تقليص أدوار الهياكل المنتخبة مقابل تعزيز سلطات “مجلس الحكام”، الهيئة الجديدة التي يمنحها المشروع صلاحيات واسعة على حساب المجالس الجامعية التقليدية.
المثير للجدل في هذا المجلس أنه غير منتخب، ويترأسه شخصية سامية يتم تعيينها بمرسوم ملكي لولاية قابلة للتجديد، ويضم ممثلين عن القطاعات الحكومية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب بعض الأساتذة والباحثين المنتخبين. غير أن النقابات تعتبره “إطاراً فوقياً يفرغ الجامعة من بعدها الديمقراطي ويهمش دور الأساتذة والطلبة في اتخاذ القرار”.
ورغم هذا الجدل، أكدت الحكومة أن النقاش حول المشروع يبقى “مفتوحاً وضرورياً”، مشددة على أن الهدف هو إرساء تعليم عالٍ أكثر استقلالية وفعالية، وتحديث حكامة الجامعات بما يضمن انسجامها مع متطلبات التنمية. لكن في المقابل، يظل التوتر قائماً مع اقتراب الدخول الجامعي، وسط تهديدات بالإضراب والاحتجاج، ما ينذر بموسم جامعي ساخن قد يضع الإصلاح أمام أول اختبار عملي له.
 
				




