
حسين العياشي
سلّط دليل جديد أصدرته الباحثة والخبيرة المغربية ماريا شرف، تحت عنوان «Égalité Pro, STOP aux ECARTS»، الضوء على واقع مقلق يعيشه سوق الشغل في المغرب، حيث ما زالت النساء يواجهن فجوة شاسعة في الأجور والمعاملة مقارنة بالرجال، خاصة في القطاع الخاص الذي يسجّل مستويات غير مسبوقة من التمييز.
فحسب معطيات رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، استند إليها الدليل، تبلغ الفجوة الوطنية في الأجور بين الجنسين 23٪، أي أن النساء يشتغلن فعلياً ما يعادل ثلاثة أشهر في السنة دون أجر. وتتعمق هذه الهوة أكثر في القطاع الخاص لتصل إلى 42.8٪، وهو ما يجعل نصف العاملات لا يتجاوز دخلهن الشهري 2,800 درهم، مقابل 3,360 درهما للرجال. ويكشف التقرير أن هذا التفاوت لا يرتبط أساساً بعوامل موضوعية كالتعليم أو التكوين، إذ إن 91٪ منه يُعزى مباشرة إلى التمييز.
الأرقام تصبح أكثر صادمة عند تفصيلها حسب الفئات المهنية: المدراء والمناصب العليا يسجّلون فجوة تناهز 38.1٪ (9,000 درهم للنساء مقابل 12,400 درهم للرجال)، والأطر المتوسطة 38.4٪، فيما يظل العمال غير الزراعيين على هامش المشهد بفجوة 30٪.
ورغم أن القطاع العام يبدو أكثر إنصافاً، بفجوة لا تتجاوز 2.4٪، إلا أن معضلة أخرى تطرح نفسها بقوة، تتعلق بضعف تمثيل النساء في مواقع القرار. ففي الإدارة العمومية لم تتجاوز نسبتهن في المناصب العليا 23.5٪ سنة 2021، لترتفع قليلاً إلى 28٪ سنة 2022. أما في القطاع المالي والاقتصادي، فالوضع يتسم ببطء في تنزيل الكوتا النسائية المفروضة قانوناً، حيث لم تتجاوز نسبة النساء في مجالس إدارات الشركات المدرجة في البورصة 23.2٪ بنهاية 2023، رغم أن القانون حدد سقف 30٪ بحلول 2024.
الدليل لا يكتفي بالتشخيص، بل يقترح أدوات عملية مثل جداول تدقيق داخلية، مصفوفات لتقييم الفوارق، إجراءات للوقاية من التحرش، وآليات شفافة لنشر النتائج سنوياً. وهو يستلهم تجارب دول رائدة كآيسلندا وفرنسا وكندا، مؤكداً أن المساواة ليست فقط مطلباً حقوقياً، بل ضرورة اقتصادية حيوية. فالبنك الدولي يشير إلى أن سد فجوة التشغيل بين النساء والرجال سيرفع الناتج الداخلي الخام للفرد في المغرب بنحو 40٪.
ماريا شرف، صاحبة الدليل، ترى أن الهدف الأساسي يكمن في تمكين النساء من ولوج سوق العمل بشروط لائقة، وإنهاء الفوارق غير المبررة في الأجور والترقية، وكسر “السقف الزجاجي” الذي يحد من مسيرتهن المهنية. بالنسبة لها، المساواة ليست مجرد شعار، بل هي وصفة لضمان العدالة الاجتماعية وتعزيز تنافسية المقاولات ودفع عجلة التنمية الوطنية.





