تقرير: بين الأمن الدولي والتعثرات الداخلية.. المغرب في مفارقة التصنيفات الدولية

حسين العياشي
كشف تقرير مؤشر العدالة العالمية لسنة 2024، الصادر عن معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بجامعة فودان في شنغهاي يوم 3 شتنبر، عن صورة مركبة لأداء المغرب في مجالات متعددة، حيث يظهر تراجعاً مقلقاً على المستوي الداخلي مقابل حضور قوي في عمليات حفظ السلام على الصعيد الدولي.
في مجال التعليم، حلّ المغرب في المرتبة 110 من أصل 182 دولة، ما يعكس تحديات مزمنة في النظام التربوي من حيث جودة التكوين والقدرة على توفير تعليم منصف وفعّال. ويقارن التقرير هذا الترتيب بما حققته بلدان الشمال الأوروبي التي تصدرت التصنيف بفضل أنظمة تعليمية راسخة، حيث جاءت فنلندا أولى تليها السويد، فيما تقدمت بلدان آسيوية مثل كوريا الجنوبية (الرابعة) واليابان (السادسة). بالمقابل، جاءت قطر في المرتبة 45، والإمارات في المرتبة 52، وجنوب إفريقيا في المرتبة 88.
على النقيض، برز المغرب في مجال حفظ السلام الدولي، حيث جاء في المرتبة 18 عالمياً من أصل 198 دولة، وهو تصنيف يضعه بين أبرز المساهمين في إفريقيا. التقرير نوه بانخراط القوات المغربية في عدة بعثات أممية، منها جمهورية إفريقيا الوسطى (MINUSCA)، مالي (MINUSMA)، الكونغو الديمقراطية (MONUSCO) وجنوب السودان (UNMISS). إلى جانب المغرب، جاءت دول إفريقية رائدة مثل رواندا (المرتبة 6)، مصر (8) وغانا (10). أما الصدارة العالمية فكانت من نصيب الصين تليها الولايات المتحدة وبنغلاديش.
في مجال المساعدات الإنسانية، احتل المغرب المرتبة 56 عالمياً، متقدماً على العديد من الدول النامية، لكنه بعيد عن المراتب الأولى التي احتلتها الولايات المتحدة وألمانيا وإثيوبيا وتشاد واليابان.
أما في التغير المناخي، فجاء المغرب في مرتبة متأخرة (135 عالمياً)، ما يعكس الحاجة لتسريع الانتقال الطاقي وتعزيز حماية الغابات والموارد المائية، مقارنة بدول إفريقية مثل الغابون وليبيريا وغينيا الاستوائية التي نجحت في تبوؤ مراتب متقدمة عالمياً بفضل مشاريع بيئية فعالة.
وفي مجال حماية النساء والأطفال، جاء المغرب في المركز 121 من أصل 178، وهو مؤشر يسلط الضوء على ثغرات في التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي وضعف السياسات الاجتماعية. أما في محاربة الفقر، فاحتل المرتبة 75 عالمياً، في وقت واصلت فيه الصين والهند والبرازيل قيادة الترتيب بفضل برامج واسعة النطاق لانتشال ملايين الأسر من الفقر.
التقرير شدد على أن العدالة العالمية مفهوم متعدد الأبعاد، لا يُقاس فقط بالمؤشرات الاقتصادية أو العسكرية، بل يشمل الحقوق الأساسية، وجودة الخدمات العامة، والالتزامات الأخلاقية للدول. المغرب، وفق هذا التصنيف، يقف أمام مفارقة واضحة: حضور دولي قوي في حفظ السلام يقابله تراجع داخلي في التعليم والحماية الاجتماعية، ما يعكس الحاجة إلى إعادة التوازن بين أدواره الخارجية وإصلاحاته الوطنية.