ترخيص 67 منتجاً يفتح الباب أمام تحول تاريخي لزراعة “القنب الهندي” بالمغرب

حسين العياشي
يواصل المغرب خطواته المتسارعة في بناء قطاع قانوني للقنب، بعدما أعلنت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية عن الترخيص لـ 26 منتجاً تجميلياً و41 مكملاً غذائياً، تم تسجيلها بشكل قانوني قبل السماح بتسويقها محلياً أو تصديرها للأسواق الخارجية.
وبالتوازي، كثّفت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب (ANRAC) من عمليات المراقبة، حيث تجاوز عدد التفتيشات 2200 عملية خلال الأشهر الأخيرة، في سياق اتساع رقعة الإنتاج وعدد الفاعلين الجدد.
على مستوى الزراعة، قفزت المساحات المزروعة بالقنب المحلي المعروف بـ”البلدية” إلى 4400 هكتار هذا الموسم، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف السنة الماضية. ويُنظر إلى هذا التوسع كخطوة لدمج هذه الزراعة، التي طالما ارتبطت بالاقتصاد غير المهيكل، في إطار قانوني منظم يضمن دخلاً قانونياً للفلاحين ويحد من هيمنة الوسطاء والسوق السوداء.
من الناحية الاجتماعية، يؤكد باحثون أن إدماج آلاف المزارعين في سلسلة إنتاجية قانونية سيساهم في تحسين أوضاعهم المعيشية ويخفف من ملاحقتهم القانونية، لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من مخاطر الإقصاء إذا احتكرت الشركات الكبرى التراخيص أو الأسواق. ويرى الخبير الاقتصادي محمد شوقي أن “نجاح هذا الورش رهين بمدى إشراك الفلاحين التقليديين بشكل عادل، حتى لا يتحول التقنين إلى مجرد نقل للثروة من يد إلى أخرى”.
اقتصادياً، يتوقع أن يفتح هذا القطاع آفاقاً واعدة. فبحسب تقديرات دولية، قد يتجاوز حجم سوق القنب الطبي والتجميلي 55 مليار دولار عالمياً بحلول 2030. وهو ما يضع المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وخبرته الزراعية، في موقع استراتيجي لتصدير منتجات ذات قيمة مضافة عالية نحو أوروبا، أكبر سوق استهلاكية في هذا المجال.
تجارب دولية مثل كندا، التي خلقت صناعة تفوق قيمتها 8 مليارات دولار سنوياً مع أكثر من 150 ألف وظيفة، أو ألمانيا التي باتت أكبر مستورد أوروبي للقنب الطبي منذ 2017، تظهر أن التنظيم الصارم والرقابة المستمرة عنصران أساسيان في نجاح هذه السياسات.
لكن خلف هذه الآفاق الاقتصادية، يكمن رهان آخر لا يقل أهمية: محاصرة السوق السوداء. فطالما شكلت تجارة القنب غير القانونية مصدراً ضخماً لاقتصاد موازٍ يصعب التحكم فيه. اليوم، تراهن السلطات على أن إدماج الإنتاج في قنوات رسمية سيحد من نفوذ شبكات الاتجار غير المشروع، ويوجه الموارد نحو الدولة عبر الضرائب والإيرادات.
في المحصلة، يمثل الترخيص المتزايد للمنتجات النهائية تحوّلاً حاسماً في مسار تقنين القنب بالمغرب. لم يعد الأمر يتعلق فقط بزراعة نبتة، بل ببناء قطاع اقتصادي-اجتماعي متكامل، قادر على خلق قيمة مضافة، توفير دخل قانوني للمزارعين، وتحويل تحدٍ تاريخي إلى فرصة تنموية.