مسرحية الرمان والزيتون لأخنوش.. على ركام ضحايا الحوز!

إعلام تيفي _ الرباط
في الذكرى الثانية لزلزال الحوز، وبينما لا يزال آلاف المنكوبين يبيتون تحت خيام رثة كالأكفان، يخرج علينا رئيس الحكومة في فيديو مُوزع ومُؤدى عنه، ولا يصدقه عقل: يحتسي الشاي بابتسامة باردة ويسأل عن أشجار الرمان، ثم يكمل مسرحيته قائلا إن “الناس غادي يخدمو هاد العام فالزيتون”!
أي عبث هذا؟!
أي وقاحة سياسية تلك التي تحوّل مأساة وطنية إلى نكتة فلاحية؟!
الحوز ليس ضيعة للرمان ولا بستانا للزيتون، بل مقبرة جماعية لآلاف الأرواح، وجراح مفتوحة على جسد وطن بكامله. لكن صاحبنا يرى في الدم والأنقاض خلفية لفيديو بئيس، يحاول أن يُسوّق من خلاله صورة زائفة عن قربه من الشعب.
إن الرجل الذي يملك المليارات لم يجد ما يقوله للمنكوبين سوى حديث عن مواسم الرمان والزيتون. لم يسأل عن الأطفال الذين ينامون حفاة في الوحل، لم يسأل عن الأمهات اللواتي يبكين في صمت، لم يسأل عن المدارس المهدمة ولا عن الطرق المقطوعة. كل ما أثار فضوله هو الرمان والزيتون… وكأننا أمام وكيل تجاري لشركة فلاحية لا أمام رئيس حكومة!
ولعل أبلغ ما كشفه الواقع هو ما حذّر منه جلالة الملك في خطاب العرش الأخير حين قال إن المغرب لا يمكن أن يسير بسرعتين: مغرب قلة محظوظة تعيش في أبراج عاجية، ومغرب الأغلبية العريضة التي تُركت تواجه الفقر والعزلة والبرد تحت خيام مهترئة. لكن أخنوش – وهو يحتسي الشاي ويسأل عن الرمان – جسّد بالملموس هذا المغرب المزدوج: مغربٌ يتحدّث عن أرباح الرمان والزيتون، ومغربٌ آخر يُدفن أبناؤه تحت الركام وينتظرون منذ سنتين إعادة إعمار لم تأتِ. هنا يظهر التناقض الفجّ بين من يملك السلطة والثروة، وبين من لا يملك سوى الصبر والدموع.
هذه ليست سذاجة، بل احتقار لعقول المغاربة. إنها صورة مركبة تختزل سنوات من العجز والفشل؛ رئيس حكومة يضحك على المأساة، يهرّب النقاش من كرامة المغاربة إلى غلّة الأشجار.
لكن، لن تنفعه صور الرمان، ولن تحميه أغصان الزيتون، إذ أن التاريخ لا يرحم، وذاكرة المغاربة أشرس من أن تنسى. سيبقى مشهد الشاي والرمان في قلب الحوز وصمة عار في جبين رجل لم يفهم يوما أن السياسة ليست تجارة، وأن الأوطان لا تُدار كضيعات.
الحوز يصرخ: لسنا ضيعة للرمان ولا حقلا للزيتون. نحن بشر نريد حياة بكرامة، ومن لا يفهم هذه اللغة، فليستعد لدرس قاس في كتب الغضب الشعبي.