المرصد الوطني للجريمة يتحول من جامع للبيانات إلى صانع للقرار الجنائي

حسين العياشي

أكدت وزارة العدل أن إدراج المرصد الوطني للجريمة في القانون الجديد للمسطرة الجنائية يمثل خطوة نوعية تجعل المغرب ضمن الدول الرائدة في مجال الحوكمة الجنائية المبنية على الأدلة العلمية. وأوضحت الوزارة أن الدراسات المقارنة تشير إلى أن 8% فقط من المراصد الوطنية للجريمة على مستوى العالم تتمتع بتكريس تشريعي مباشر في قوانينها، ما يضع المملكة في مصاف الدول التي تتبنى أفضل الممارسات الدولية.

ويأتي هذا التكريس بعد إنشاء المرصد بموجب المرسوم رقم 2-22-400 بتاريخ 18 أكتوبر 2022 وقرار وزير العدل رقم 1501-22 بتاريخ 19 أكتوبر 2022، ليحدد بوضوح صلاحياته ومهامه، ويمنحه دورًا استراتيجيًا في رسم توجهات السياسة الجنائية.

وينص المادة 51-3 من القانون الجديد، على أن المرصد يساهم في وضع سياسات جنائية فعّالة من خلال جمع وتحليل الإحصاءات الجنائية ودراسة الظواهر الإجرامية، واقتراح الحلول الكفيلة بمكافحة الجريمة والوقاية منها. ولتحقيق ذلك، يمكن للمرصد طلب البيانات والمعلومات والوثائق من الجهات القضائية، الأمنية والإدارية، مع احترام سرية البحث والتحقيق. كما يساعد المرصد هذه المؤسسات في بناء قواعد بيانات وبرمجيات متخصصة لدعم عملها الإحصائي.

وترتكز هذه الخطوة، على فلسفة جديدة في السياسة الجنائية المغربية، مبنية على الأدلة العلمية والممارسات الدولية الرائدة، بما يتماشى مع توصيات الأمم المتحدة في مجال العدالة الجنائية. كما تعكس التزام المملكة بتحديث منظومة العدالة، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية ونتائج الحوار الوطني حول إصلاح القضاء.

ويمنح التكريس التشريعي للمرصد مجال عمل أوسع، إذ لم يعد مقتصرًا على جمع البيانات فقط، بل أصبح يشارك بشكل مباشر في رسم توجهات السياسة الجنائية، ويضطلع بدور استشاري قانوني لدعم صناع القرار في إعداد استراتيجيات مكافحة الجريمة والوقاية منها.

ويواصل المرصد جهوده في تطوير أدوات التحليل والتنبؤ بالجريمة، وتعزيز شراكاته المؤسسية، بما يمكنه من أداء مهامه الاستراتيجية بفعالية، والمساهمة في بناء سياسة جنائية حديثة وواقعية ترتكز على العلم والمعطيات الدقيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى